أين عيد الغدير من أمة الإسلام - مركز الأمة الواحدة
أين عيد الغدير من أمة الإسلام

أين عيد الغدير من أمة الإسلام

شارك المقال

بقلم الشيخ عبد القادر ترنيني 
رئيس جمعية الاثر الطيب 

لم يخبر النبي الكريم ولا القرآن المنزل على قلبه الطاهر أن للمسلمين عيدين اثنين ليس إلا، أو أنه  يحرم عليهم أن يفرحوا في غير ذلك العيدين، أما ما اعتمدوه دليلا من رواية رووها من أن رَسُولُ اللهِ (ص) قال: "قَدِمْتُ عَلَيْكُمْ وَلَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا، إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ النَّحْرِ"؛ فهذه الرواية ألغت إلغاء قاطعا تلك العادات الجاهلية التي كان عليها الناس سواء أكان الأمر بالنسبة إلى العقائد المنحرفة أم الاحتفالات ذات العلاقة بالشرك والصنميات؛ لكن هذه الرواية لا تدل بحال من الأحوال على منع الفرح في غير اليومين المذكورين، وإلا فإن من اجتهد هذا الاجتهاد الباطل يكون قد ألغى صريح القرآن الكريم ووحي السماء المنزل على قلب النبي العدنان، فالله تعالى هو الذي قال في محكم تنزيله: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [سورة إبراهيم؛ الآية 5].

الامة الواحدة - اسلاميات 

فأيام الله تعالى هي أيام تَفَضُّلٍ ونعمٍ ورحمةٍ على العالمين، ولا يستطيع أحد أن يختصر أيام الرحمة والتفضُّل والنعم بيومين اثنين، لأن يوم ولادة النبي (ص) يوم رحمة بل هو أعظم يوم شهدته الخليقة، وأيام نصره أيام رحمة وفضل من الله تعالى على الناس، وعلى ذلك وجب القياس لأن الله سبحانه هو القائل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [سورة يونس؛ الآية 57-585].

انطلاقا من وحي الكتاب يجب فهم الفرح بأيام العيد وحقيقة العيد وماهيَّة أيام العيد، فقبل الحديث عن الفرح أخبرنا سبحانه أن موعظة الله التي ملؤها الشفاء والهداية والرحمة قد جاءت الناس من قِبَلِ رب العالمين، هذه الموعظة ومن جاء بها هي فضل عظيم من فضائل الرب العظيم يوجب الرب بسببه على العباد أن يفرحوا به، وفرحهم بفضل الله خير مما يجمعون من تراث الدنيا بأسرها. 

وانطلاقا من هذه الآية وروحية القرآن والشريعة المحمدية فإن اليوم الذي نصَّبَ فيه النبي الأعظم (ص) عليًّا (ع) خليفةً ووصياً من بعده هو من أيام الله تعالى العظيمة، خصوصا وأن هذا اليوم كان بأمر الله تعالى ووحيه، وهو اليوم الذي بايع فيه المسلمون أمير المؤمنين عليا (ع) بالخلافة، وهو اليوم الذي رأوا فيه معجزات الله تعالى وتنزل العذاب على من رفضوا وصية الرسول الكريم وبيعة علي.

لقد كانت بيعة الإمام علي بيعة تنفيذ لوحي الله المنزل ولآيات القرآن العظيم، وإن يوما يتعرف فيه العبد إلى معنى آية من الكتاب هو يوم عيد، وهو يوم فضل ورحمة أوجب الله تعالى على العباد المؤمنين أن يفرحوا به {فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} [سورة يونس؛ الآية 59]، وذلك لِمَا تجلت فيه من نعم الله العظيمة عليهم...

فكيف إذا كان هذا اليوم هو اليوم الذي يتعرف فيه العبد إلى إمامه ووصي نبيه وحامل أمانات النبوة ووارث علوم الرسول؟؟!!

لا أظن أن عاقلا من العقلاء سينكر عظيم هذا اليوم الجليل، كما أنني لا أظن بأن فهيما من الخلق سيهمل هذا التاريخ والمفصل المهم في تاريخ الأمة، اللهم إلا أن يكون له هدف واحد وواضح ألا وهو العمل على حذف هذه الحقيقة العظيمة من تاريخ المسلمين وتراثهم ومعتقداتهم.

القضية أعظم من مجرد يوم نحتفل به ونقدم الهدايا ونتكلف على الأطعمة والأشربة مما لذ منها وطاب... أبدا والله، وإنما هو يوم وضع النبي فيه أمته على السكة الصحيحة والطريق السوي والصراط المستقيم، وهو اليوم الذي رضي الله تعالى ورسوله (ص) فيه للأمة أن يكون علي خليفة الرسول والرسالة والقائم بأعباء الرسالة.

وهنا نسأل أين أمة الإسلام من تعظيم النبي ليوم الغدير حيث أوقف الناس ومنعهم من السير إلى مرابعهم ومواطنهم، ورد من تعجل منهم وذهب من قبل أن يدعى لتلبية أمر رسول الله (ص)، أو من أهمل الأمر ثم ذهب يربع على هواه...؟؟!

هنا نسأل لماذا أوقف النبي في غدير خم ما يربو على المئة ألف رجل أثناء رجوعهم من الحج؟ ألم يوقفهم ليعطيهم الوصية الكاملة والأمر الكامل الذي فيه منجاتهم عند الله تعالى؟؟!

ألا يستحق منا هذا الأمر التعظيم والتكريم والفرح؟؟ 

والله لو كان هذا الموقف من مواقف آحاد العباد لعظَّمه الناس أيَّما تعظيم، فكيف وقد جاء بهذا الأمر رسول رب العالمين من لدن خالق البريات كلها؟؟! 

الأمة بلا شك مقصرة بحق نبيها وأوصيائه، بعيدة كل البعد عن منهاجه، وكتاب الله الموحى به من عند الله... وها هي الأمة ما بين ناسية عهد الغدير منكرة له مع كل ما صح من نصوص لم ينكرها أحد من الخلق؛ أو متخذة منه صورة مذهبية عصبية تطعن من خلال الاحتفالات التي تقيمها مطعنا بمن لا يعرفون أو يعترفون بيوم الغدير...

وعلى كل الأحوال فلو نحن دققنا في أحوال أمتنا وجدناها بعيدة أخلاقا ومناهجا وتقوى عن سبيل الله القويم، لا تعرف غير الدين الصورة والتشريع الصورة والديانة الصورة والأعمال الصورة... والصورة لا تقدم ولا تؤخر ما لن تنبع عن إيمان ومحبة تقوى...     


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق