ندوة فكرية 'الإمام علي عليه السلام والعدالة الإنسانية' - مركز الأمة الواحدة
ندوة فكرية 'الإمام علي عليه السلام والعدالة الإنسانية'

ندوة فكرية 'الإمام علي عليه السلام والعدالة الإنسانية'

شارك المقال



نظم مركز الأمة الواحدة للدراسات الفكرية والاستراتيجية بالتعاون مع مؤسسة عاشوراء، والعتبة الرضوية المقدسة ندوة فكرية تحت عنوان 'الإمام علي عليه السلام والعدالة الإنسانية' 


وأدارت الندوة الدكتورة ليندا طبّوش حيث اشارت إلى أن الإمام علي (ع) صراط الحق الذي نتمسك به إذ تسلط مبادئه الضوء على مباحث عدّة تطال الحياة الإنسانية بشتى جوانبها، والذي يجمعنا دائمًا تحت لواء العدالة والمحبة والإنصاف بين بني البشر في كل زمان ومكان، كان انسانًا كاملًا أراد للإنسان أن يكون صورةً لله وخليفةً له، وما أحوج مجتمعاتنا اليوم لهذا النموذج، سلوكًا ومنطقًا وأدبًا.


السّيّد: الإمام علي(ع) رسيخ العدالة الإنسانية بكل تفاصيلها


السيّد فادي السيّد في كلمته الافتتاحية أكد أن شخصية أمير المؤمنين عليه السلام من الشخصيات الاستثنائية التي لا يمكن أن تتكرر، فقد كان توحيديًا كرّس العدالة والإنصاف في نفسه وفي غيره وفي حركته المباركة. كما تعهد بأن يعيش كسائر الناس بل أقل منهم ، وهو ما لا نجده اليوم، تخلى عن الدنيا وهزم الشيطان في مأكله وملبسه المتواضع، مكرسًا هذه الضابطة في أبنائه طلبًا لرضا الله، متسائلًا: 'من من علماء الدين يطبق هذه القاعدة؟'، وإلا لما كان الفقر في هذا المستوى كما نشهده اليوم، فقد كان حريصًا على الفقراء وعلى أن تكون معيشته مساوية لهم، وهو حاكم بلاد واسعة. وأضاف السّيّد بأن عدالة الإمام علي عليه السلام كانت إنسانية صرفة وليس إسلامية، فقد كان منصفًا لليهود والنصارى، كلهم سواسية كأسنان المشط، داعيًا رجال الدين إلى التوحد الإنساني تحت ولاية أمير المؤمنين، لأنه ترسيخ العدالة الإنسانية، بكل تفاصيلها، بالقول والفعل. وأضاف بأنه انكر ذاته من أجل تحقيق العدل الإلهي بين الناس، كان قياديًا مع رعيته، ففي ظل التحديات المتفاقمة نحتاج لرجل كالامام ينقذ العالم كله في ظل تحكم المفسدين في مفاصل الحياة حيث تسود سياسة للغاب، وفي جو الابتعاد عن الله والقرآن ونهج أهل البيت عليه السلام. وختم بأن المسؤولية تحتم على الجميع التباحث ومتابعة هموم الأمة عن كثب وتوحيد الكلمة من اجل خدمة الناس فالقارب شارف على الغرق ومسؤولية رجال الدين خدمة عيال الله.


الشيخ الشريف: الإمام علي (ع) أمة في رجل


من الحجاز، تمنى الشيخ عبد العزيز الشريف، في بداية مداخلته، أن تتوحد الأمة كما أراد الإمام علي عليه السلام، وأن تتبذ الخلافات فدم المسلم على المسلم حرام، وهو ما يؤكده القرآن والسنّة الشريفة. وأضاف بأن شخصية الإمام علي عليه السلام العظيمة كانت محط اهتمام الرسول (ص)، ما يؤكد مكانته وفضله وفضائله التي لا تحصى. وأكد بأنها شخصية العدالة والتوحيد التي أسهمت في قيام الإسلام وديموميته، فكان سندًا للرسول في مواقف شتى ومحطات مهمة في التاريخ الإسلامي، وما شهادة الرسول 'يا علي لا يحبك إلا مؤمن' تدل على قربه من الرسول وعلى محبة الرسول (ص)، ومكانته لديه، فقد حوى جميع العلوم، لذا كان سائر الخلفاء يستعينون به ويستمعون إلى مشورته لأنه جبل عظيم وشامخ. أردف الشريف بأنه حري بالمسلمين أن يقرؤا هذه الشخصية وأن يقدروا جهدها المعروف للقاصي والداني، شخصية حوت مواقف تستحق التأمل، فهو أمة في رجل، كان للرسول كهارون لموسى، جاهد ودافع عن الإسلام والمسلمين، وبات في فراش الرسول فكان كرارًا مغوارًا مقدامًا، له صولات وجولات في حروب المسلمين سيما في خيبر حتى قال فيه الرسول (لأعطين الراية غدًا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه). وختم الشيخ الشريف الإمام علي بثباته، لم يتزحزح، وسجل مواقف إيمانية عظيمة في حبه للرسول ووفائه له، حبًّا خالط لحمه وروحه، فقد تربى في حجره وأمام عينيه، وحاز عنده مقامًا عظيمًا فأصبح بذلك إمام العدالة والإنسانية.



الشيخ رياض: الإمام علي في مقدمة العباقرة المجتهدين علمًا وجهادًا


من الأزهر الشريف، تحدث الشيخ جواد رياض عن منزلة الإمام علي عليه السلام في قلوب المسلمين، فقد كان من السابقين إيمانًا بالرسول، وهبه الله حكمةً واسعة حتى قال فيه عمر 'علي أقضانا'. وختم رياض بأن الأمام علي أحد العباقرة المجتهدين الذين قدموا حلول لمسائل مستجدة بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فقد أخبره الرسول حين بعثه إلى اليمن، وهو حديث السن، بأن الله سيهدي لسانه ويثبت قلبه، ما يؤكد حجم الاجلال الذي كان يكنه له، بل كان يقدمه على سائر الخلفاء، وأمر بالتمسك بسنته.


الأب يوليو: الإمام علي تعدى حدود المذاهب


من جانبه، كشف الأب عبد الله يوليو، متحدثًا من رام الله، بأنه تعرف على الإمام علي (ع) من خلال الكتاب الذي يحتوي على أفكاره نهج البلاغة، وعندما توقف عند عنوان الندوة، تذكر ما ورد في موسوعة جورج جرداق، التي تؤكد بأن الإمام علي تعدى حدود المذاهب فلا يجوز احتكاره لأنه يمثل الأسرة البشرية. كذلك أسرد حديث الامام علي عن السيد المسيح علي عليه السلام: 'كان يتوسد الحجر ويلبس الخشن ويأكل الجشب. وكان إدامه الجوع، وسراجه بالليل القمر. وظلاله في الشتاء مشارق الأرض ومغاربها، وفاكهته وريحانه ما تنبت الأرض للبهائم. ولم تكن له زوجة تفتنه، ولا ولد يحزنه، ولا مال يلفته، ولا طمع يذله. دابته رجلاه، وخادمه يداه. فتأس بنبيك الأطيب الأطهر صلى الله عليه وآله، فإن فيه أسوة لمن تأسى، وعزاء لمن تعزى وأحب العباد إلى الله المتأسي بنبيه والمقتص لأثره. قضم الدنيا قضمًا ولم يعرها طرفًا'. وبين الأب يوليو بأن هناك علاقة وطيدة ببن السيد المسيح والإمام عليهما السلام فكلاهما نظرا للإنسان نظرة حب ورحمة ورأفة، وهو ما نحتاجه اليوم في زمن فقدنا فيه المحبة والرحمة وحكمننا المصالح الذاتية، مسنهجنًا: 'كيف نعبد الله والمال، الله والشيطان؟' وشدد الأب يوليو بأننا يجب أن نعود إلى كلمات الإمام علي وممارساته ومفاهيمه والتعامل الإيماني والقلبي وحبّ بعضنا البعض، كي نحقق ما نصبو اليه ونحن كلنا أبناء أمة واحدة. وختم الأب يوليو بأننا اليوم بحاجة لأن نلتقي من جديد ولأن نتخطى الخطاب الضيق والحدود الخاصة، فالوحدة الصادقة تحقق فجرًا جديدًا يخرجنا من الحفرة جميعًا.



الشيخ حنينة: نال أوسمة نبوية من الرسول 


غازي حنينة، رئيس مجلس الأمناء في تجمع العلماء المسلمين، حيا الشعب الفلسطيني القابع تحت الإحتلال في غزة وفي حي الشبح جراح، وقال بأن المتتبع للقرآن والسنة يفقه البعد الإنساني للشريعة الإسلامية التي ترسخت في شخصية الإمام علي عليه السلام الذي نال أوسمة نبوية وشهادات كثيرة من الرسول حتى قال فيه: 'يا علي لا يحبك الا مؤمن' و 'علي مع الحق'. وأضاف بأن كل هذه الأوسمة تؤكد مكانته لدى الرسول الله، مؤكدًا بأن تعاطيه كان إنساني بحت، لا تمييز فيه إلا بالتقوى، وكان يساوي بين الكتابيين، تعامل مع خصومه بمنتهى الإنسانية وأطعم الفقير دونما سؤال عن دينه.


د. منسترون: التكافل الإجتماعي مسؤولية


من لندن، شاركت الدكتورة ربيكا منسترون، متحدثةً عن أنسانية الإمام علي، فقد مثل الحقيقة المحمدية، وهو ما يكرسه نهج البلاغة، فهو الزاهد الذي أنكر نفسه وحرر نفسه من كل التعلقات الدنيوية، لم يكن حاكمًا أو سياسيًا كالذين نعرفهم اليوم والذي ينغمسون في ملذات الدنيا. وتابعت بأنه عاش زاهدًا متواضعَا، ونحن يجب أن نشعر بالخجل بينما الإمام عاش كسائر الفقراء ولم يكن يخجل من ذلك، وهذا ما يكرسه الإسلام، لن يكن يخجل بثيابه المتواضعة لأنه كان مشغولًا بهموم المسلمين. وتأسفت بأن المسلمون اليوم يلهفون وراء العلامات التجارية والمتاجر الكبرى، بينما الإمام لم يكن يتأثر بكلام ناقديه، همه الأوحد كان الفقراء والمحرومين، وللأسف اليوم الكثير من الأسر ترفض تزويج أبنائها ممن يتقدم لهم لأن همهم الوحيد الماديات ولا يزوجون الفقير وهذا يحتاج لمعالجة حثيثة. وشددت بأن واجبنا اليوم رعاية هؤلاء الفقراء وايلاءهم الفرص، فهم يمتلكون طاقات هائلة، تمامًا كما كرس الإمام علي في نهج البلاغة، فقد رفض تعظيم نفسه، وكان مسؤولًا عن رعيته كقائد، لم يهمه الشهرة والمناصب، وتحمل مسؤوليته. وختمت بأن الإمام علي عليه السلام لم يؤسس لحياة فارهة وقصور ومباني فاخرة، ولم يعزل نفسه كبعض المسلمين، ولم يتعالَ عليهم متبعًا لمثل الرسول صلى الله وعلى آله وسلم، كان متواضعة بكل ما للكلمة من معنى ونحن بحاجة إلى اتباع هذا النموذج وتحرير أنفسنا من التعلق بهذه الدنيا.



الأب رعد: من كالإمام علي يمثل بتواضع أمام القضاء ويقول انا أخطأت


من ايطاليا، شارك الأب عبدو رعد مشددًا على أنه من أحب الإمام علي حبًّا صادقًا يجب أن يتبع وصاياه. وقال بأنه سئل من سينتخب في الانتخابات النيابية المقبلة في لبنان، فرد 'الذي يرضى بالحد الادنى للاجور وبمن يعيش كالمواطن العادي'. الأب رعد تأسف من عدم اتباع تعاليم الأمام علي، وسأل الزعماء والذين يتبعون الامام علي: 'أين أنتم من علي؟ وأضاف بأن الإمام تأثر كثيرًا بالسيد المسيح، فقد عاش الفقر، عاش خادمًا، ساوى نفسه بالناس، قبل بأن يقاضى، ولم يتكبر، وسأل: 'من من الزعماء يمثل بتواضع أمام القضاء، أو يقول انا أخطأت؟'

 وأكد الأب عبدو على منزلة الإمام علي عليه السلام في قلوب المسحيين  فهو أخوهم في الإنسانية بالخلق والعدالة والمحبة، ساهم في محو آثار الجاهلية من عبادة الأوثان، وله مواقف لا تنسَ، فقد ضحى بنفسه حين بات في فراش الرسول، وتحلى بالروحانية والفهم الواسع والمعمق. ثم تسأل: 'أين هم زعماء اليوم من المحتاجين ونحن في زمن الفقر؟ أين الذين يوالون علي مم عدالة علي الاجتماعية؟'. وتابع الأب عبدو بأن الإمام عليه السلام تحلى بالصفح والعفو والسلام، وهذا ما تحتاجه الإنسانية في زمن التكفير، ونحن اليوم بحاجة للتلاقي والحوار والمحبة والشجاعة والعزيمة، دون خوف من الفاسدين. وختم بأننا اليوم بحاجة إلى احقاق العدالة كما في نهج البلاغة دون خوف، فليس المهم كثرة الصلاة، بل التحلي بمكارم الأخلاق وحفظ الأمانة اقتداءً بالإمام عليه السلام.



د. جبق: الإمام (ع) لم تغريه صروح السلاطين


الدكتورة، هويدا جبق، جمعت في نثرية بعض مناقب الأمام في علي فهو الحق، طلق الدنيا وتلحف بعباءة الحق، وهو مدينة العلم الذي أحبه الله ورسوله، يميل معه ألحق كيفما دار، وهو النبأ العظيم، أبو الأيتام والأحرار والثوار، فاز في محاربه فاز، وهو قاسم الصراط الذي لم تغريه صروح السلاطين، وكلمة الحق لم تترك له صاحبا، تخلى عن حب الذات والأنا، صادق اللسان وحافظ للأمانة، هذب نفسه، لذا يجب أن نقتدي به فنكون زينًا له بغير ألسنتنا.


د. الأسدي: حياة الإمام (ع) حياة بناء وصناعة 


من كندا، رئيس المنظمة الدولية لمكافحة الفساد د. صباح الأسدي قال بأن الإمام علي ولد واستشهد في بيت الله، وما بين هاتان المحطتان رحلة ذوبان في الله، رحلة بناء الإنسان، رحلة 'وفيك انطوى العالم الأكبر'، رحلة مساواة واستصلاح الأراضي، عشقته القلوب قبل العقول، فهو سيف العدالة الإنسانية، مضيفًا ما أحوجنا إلى هذا النموذج.


الأسعد: قيم الإمام (ع) دعوة لمجابهة الحكم الشمولي الاستبدادي القائم على إلغاء الآخر


ختامًا مع كلمة للإعلامية اللبنانية سندس الأسعد تحدثت فيها عن البعد الحقوقي في شخصية الإمام علي عليه السلام. الأسعد قالت بأن الإمام علي منذ فجر الإسلام الأول كرس العدالة والمساواة والحرية، فكانت أفكاره دعوة لمجابهة الحكم الشمولي الاستبدادي القائم على إلغاء الآخر واختزال الدولة في ذات الملك، وتغييب دور الشعوب وجعلها مجرد كانتونات هامشية موزعة على الجغرافيا السياسية دون أن يكون لها أي دور في صياغة القرارات السيادية أو حق المشاركة السياسية أو أن يكون لها دور رقابي على مؤسساتها، أو المال العام من خلال الضوابط السماوية المقننة وتفعيل مبدا تكريم الانسان انطلاقًا من الاية المباركة (ولقد كرمنا بني ادم) كي يؤدي دوره في بناء المجتمع وتسريع عجلته الحضارية، وكل ذلك لايكون الا عندما يقوم المجتمع على التعددية وإذا وجدت كل المناخات التي تساهم على أن يكون الإنسان فاعلًا وقادرًا على التغيير والاصلاح، فلا يفرض عليه أن يتقولب أو أن يفكر عنه ويقرأ عنه ويطمح عنه. وختمت الأسعد بالقول بأن المفارقة كبيرة بين مدعي حقوق الإنسان وبين الامام علي واضحة، فللأسف الشديد كثير من المؤسسات الديمقراطية شكلية، فما زال الإنسان يعاني الأمرين من انتهاك لحقوقه وخصوصًا السياسية منها، فالإمام لم يلتجئ إلى الحرب مع معارضيه بسبب أرائهم أو لانتقادهم لأداءه، بل على العكس من ذلك كان يلتجأ إلى الحوار معهم، وقد اكرم السيدة عائشة خير اكرام رغم انها البت عليه جموع المسلمين.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق