الثورة الاسلامية في ايران : الابعاد العشرة للثبات والانتصار رغم الحصار . بقلم الشيخ توفيق علوية - مركز الأمة الواحدة
الثورة الاسلامية في ايران : الابعاد العشرة للثبات والانتصار رغم الحصار . بقلم الشيخ توفيق علوية

الثورة الاسلامية في ايران : الابعاد العشرة للثبات والانتصار رغم الحصار . بقلم الشيخ توفيق علوية

شارك المقال


 

الثورة الاسلامية في ايران : الابعاد العشرة  للثبات والانتصار رغم الحصار

بقلم

توفيق حسن علوية

 كاتب وباحث من لبنان

عشرات السنين مضت وما زالت الجمهورية الاسلامية في ايران متألقة ربيعا بعد ربيع ، ولم تستطع كل قوى الشر في العالم زحزحتها عن اي شعار من شعاراتها وعن اي مبدأ من مبادئها ، بل على العكس استطاعت ان تجعل من نفسها محل احترام عند الجميع .

وقد راهن الاستكبار  في كل سنة على هذه الذكرى ، ويعلن دوما بأن الجمهورية الاسلامية في ايران لن تحتفل بهذه الذكرى مرة اخرى في كل عام  لانها ستنتهي ؛ وفي كل عام تأتي  الذكرى وتثبت  فشل الرهانات المتجددة للاستكبار تماما كما فشلت رهاناتهم السابقة .

وها هي احتفالات ذكرى انتصار الثورة الاسلامية في ايران تطل مجددا بكل بهجتها في الجمهورية الاسلامية في ايران وكل العالم العاشق لها .

انه ومنذ تاسيس الجمهورية الاسلامية في ايران عام 1979 ميلادي والى الان لاحظت البشرية في اربع رياح المعمورة ان هناك تغيرا في طبيعة الصراع بين المستكبرين والمستضعفين على طول خط الاحتراب الشامل بين الطرفين وان خفيت هذه التسمية على اغلب شعوب العالم .

نعم لاحظوا ان هناك تغيرا ، وقد تسال : لماذا تلاحظ كل البشرية في العالم وجود تغير لاجل انتصار ثورة في بلد واحد مع ان هناك الكثير من الاحداث في بلدان اخرى ولم يلحظ التغير فيها الا سكانها او من بجوارهم ؟؟!!

لماذا هنا في ايران لاحظت كل البشرية هذا التغير ؟؟

وللجواب نقول :

اولا : إصابة قلب الصهيونية ورعاتها :

وقد تستغربون لماذا اخترت هذا البعد قبل اي بعد اخر ، ولكن الواقع يشهد بان هذا البعد من اكثر الابعاد فرادة في ظل التواطئ على القضية الفلسطينية او خذلانها او حتى اهمالها

ان ثورة المستضعفين في ايران بقيادة الامام روح الله الخميني اصابت في اول سهم رمته قلب الصهيونية بطريقة فاعلة ومؤثرة ادت الى تضعضعه ، ومن المعلوم ان كل العالم وللاسف الشديد يهتم بالصهاينة بحيث انهم اذا اصابهم اي شيء فإن كل العالم يتاثر !!

نعم لاجل موقعية الصهاينة في العالم لاحظ العالم هذا التغير في ايران ، فايران الثورة بدات مشروع الانتصار للمستضعفين من فلسطين قبل ان تبدأه من ايران او من اي موقع اخر !!

والا فما الذي يفسر المبادرة الفورية وقبل اي شيء اخر الى تحويل السفارة الصهيونية الى سفارة فلسطينية واطلاق شعارات القدس وفلسطين وجعل الكوفية الفلسطينية رمزا شعبيا عاما واستقبال اي فلسطيني يزور ايران الثورة استقبال الفاتحين ؟؟!!

نعم ما الذي يفسر كل هذا لولا ان فلسطين كانت في قلب وعقل الامام روح الله الموسوي الخميني قدس سره ؟؟

ما الذي يفسر كل هذا الاهتمام العالمي بالثورة الاسلامية لولا ان ثمة خطاب يتحدث عن فلسطين والقدس وعن غدة سرطانية اسمها الدويلة الصهيونية الغاصبة !!

ثانيا : الخطاب العالمي الموجه لصميم الانسانية :

لاحظ العالم ان في ايران الثورة هناك خطاب جديد غير مالوف ! ثمة خطاب يتحدث عن عموم المستضعفين والمظلومين في مقابل عموم المستكبرين والظالمين وليس عن خصوص الايرانيين فقط ، ولا عن خصوص المسلمين فقط ، ولا عن خصوص اتباع الديانات فقط !!

هذا الخطاب لم يألفه العالم ولم يسمع به من قبل ، وربما توهم الجميع بأن الثورة التي اطاحت بالشاه لا تملك مشروعا ولا تاصيلا فكريا و لا رؤية مستقبلية ، وانما هي ثورة تنفيس شعبية تسيطر على المقدرات التي كانت تحت ايدي الشاه وبعد تسلمها تبدا صراعا بينيا داخليا على الغنائم والمكاسب ومن ثم تقع الحرب الاهلية ويتمنى الشعب رجوع حكومة الشاه !!

نعم ربما توهموا ذلك ، الا ان الواقع والوجدان اثبت العكس ، فتبين ان هذه الثورة تملك خطابا عالميا يصلح لكل انسان في هذا العالم ، وتملك تأصيلا فكريا قادرا على صنع حوار الحضارات ، كما انها تملك رؤية مستقبلية

ثالثا : الزهد بالمناصب :

وهذا متفرع عن الامر الثاني ، وهو الزهد بالمناصب والمقدرات والثروات ، فبدلا من التنازع على السلطة والتسابق لاجل نيلها تنازع قادة الثورة من خلال الاقتداء بمفجرها وباعثها على ترك السلطة والهروب من المناصب تحت عنوان : غيري اليق مني بالخدمة !

فالكل شاهد كيف تعاطى المؤسس الامام روح الله الموسوي الخميني مع السلطة ؟؟ وكيف ابى الا ان تكون معيشته بكامل تفاصيلها تماما كمعيشة اي طالب علم !!

فلا قصور ولا ذهب ولا اثاث فاخر ولا مال في البنوك ولا عشيرة تتحكم بمفاصل السلطة ولا طبقية ولا موائد فاخرة ولا …

انها قيادة خدمت الشعب قبل تسلم السلطة وعندما تسلمت السلطة بقيت تخدم الشعب وكأنها بلا سلطة ، والسلطة فقط وفقط الة ووسيلة للخدمة !!

وعلى قاعدة : كما يولى عليكم تكونون . كان كادر الثورة يحمل نفس روحية قائد الثورة من جهة استراتيجية خدمة الشعب المتلازمة مع نكران الذات .

رابعا : الشعارات الثابتة :

لقد بقيت شعارات الثورة واستمرت ولم تبل مع مرور الزمن لا تحت مبررات المرونة والتكتيك والمرحلية والتاجيل والتعجيل ، ولا تحت مبررات تغير الظروف ، فمحورية القضية الفلسطينية بقيت كما هي بل زادت ، ومحورية نصرة المستضغفين بقيت كما هي بل زادت ، ومحورية الوحدة الاسلامية بقيت كما هي بل زادت ، ومحورية العداء لامريكا بقيت كما هي بل زادت ، ومحورية الاستقلال وعدم التبعية بقيت كما هي بل زادت ، وهكذا في قضايا اخرى من قبيل دعم كل حركات التحرر

خامسا : فيصلية الشعب :

ان الشعب هو الفيصل في كل الاستحقاقات التي مرت بها الجمهورية الاسلامية الايرانية منذ تأسيسها والى الان ، فهو الفيصل في التصويت على اصل وجود النظام الاسلامي الولائي ، وهو الفيصل في كل المؤسسات ، من قبيل مؤسسة رئاسة الجمهورية ، والحكومة ، ومجالس الخبراء والشورى وغيرها ، وهو الفيصل في مواجهة المؤامرات ، وفي احياء يوم القدس ، وفي الاستحقاق النووي ، وفي الاقتصاد المقاوم وفي كل استحقاق لاسيما في استحقاقين خطيرين مرت بهما ايران في الفترة الاخيرة اعني استحقاق مير موسوي واستحقاق البنوك الاخير!!

وعندما يكون الشعب هو الفيصل في كل شيء فلن تعرف الجمهورية الاسلامية الايرانية اي هزيمة واي تضعضع ، لان الشعب هو المدافع الاول عن هذه الجمهورية !!

ومحورية الفيصلية للشعب الايراني في كل شيء لم تأت من فراغ ، وانما اتت من الفكر الخميني الاصيل الذي حرص على جعل الشعب بهذه المرتبة ، لاسيما في وصية الامام الخميني قدس سره الخالدة

سادسا : الجمع بين الاصالة والحداثة :

فإننا نرى النجاح المنقطع النظير والمذهل في الجمع بين الاصالة والحداثة ، ففي الشرق عموما قد تفلح حركة دينية بالوصول الى الحكم الا انها اما تجعل كل شيء بال ومتلبد ، واما تتخلى عن المبادئ وتلتحق بالمحور الامريكي وتعتبر شخصا مقيتا كبيريز صديقا عزيزا .

اما هنا فثمة جمع بين الاصالة والحداثة ، فالنووي يشهد على ذلك ، والفرادة في الانجازات الطبية ايضا تشهد على ذلك ، وهكذا في عالم النانو ، والقمر ، والقفزة العلمية ، وغير ذلك .

فلم تتعارض الاصالة الدينية مع الحداثة قيد انملة ، فمثلا يعترض بعض الفارغين عندنا على بعض الاحكام الدينية بدعوى ان الغرب وصل الى القمر ونحن لا زلنا نهتم بالقشور من قبيل الطهارة والنجاسة وتقديم اليمنى على اليسرى والتختم وقراءة القران وقراءة العزاء والصلاة وغيرها ، فجاء الايراني المتدين واستطاع الوصول العلمي الى القمر وبنفس الوقت حافظ على الطهارة والصلاة والتختم وقدم الرجل اليمنى على اليسرى وما زال يستمع للقران و للعزاء وغير ذلك !!

جاء الايراني ليقول لمثل هؤلاء : لو وصلت انت للقمر واعترضت بمثل هذه الاعتراضات كان من الممكن مناقشتك ، ولكنك لم تفعل شيئا من هذا القبيل ، وها انا فعلت كل هذه الانجازات وبنقس الوقت ما زلت محافظا على اصالتي الدينية!!

سابعا : الفكر الاصيل

العابر للجغرفيا والديمغرافيا :

هذه الثورة مرتبطة بفكر عالمي يتخطى الجغرافيا والديمغرافيا ، ويتصل اتصالا وثيقا بصميم القيم الانسانية المفطورة على الحرية والاستقلال والاخلاق وغيرها من المفردات الانسانية ، ولهذا نجحت تلقائيا في التفاعل مع كل من يمت الى الانسانية بصلة في هذا العالم ، وفي المقابل تمت مواجهتها مواجهة شرسة من قبل كل اعداء الانسانية ، فما نراه من حرب يشنها اعداء الجمهورية الاسلامية الايرانية عليها ليس مستغربا البتة لاسيما بعد ملاحظة الابعاد الانسانية الكامنةفي هذه الثورة

ثامنا : تراكم الانجازات :

هذه الثورة تبني قدراتها على منهجية التراكم ، وعلى قاعدة : نزرع ويحصد الاجيال وليس بالضرورة ان نحصد الان .

فهناك ثورات يريد اصحابها ان ياكلوا هم ثمارها ، ولهذا يبنون كل شيء على عجل ، بينما هنا مع الثورة الاسلامية المباركة في ايران وجدنا ان مفجر الثورة وبانيها ومؤسسها عمل قبل انتصار الثورة بتؤدة من خلال التأصيل الفكري وملاحظة الاجيال التي ستتولى هي المسؤولية ، ولهذا لم يتحقق الانتصار بين ليلة وضحاها وانما اخذ المدى المطلوب ، وهكذا بعد انتصار الثورة فإن الذي انجزته الثورة من انجازات الى الان اخذ مداه ايضا ، وهناك انجازات ستأخذ مداها الزمني الطبيعي .

تاسعا : الارتباط بمحمد وال محمد (ص) :

ان ارتباط هذه الثورة بولاية اهل البيت عليهم الصلاة والسلام اعطاها قيمة خاصة وجعل جوهرها مميزا ، وذلك لان منهج اهل البيت عليهم الصلاة والسلام لم ياخذ فرصته في نظرية الحكم كما اخذت المناهج الاخرى ذلك ، فالبشرية الان تشاهد فكرا جديدا يحاول المنتسبون اليه بقدر الامكان تطبيقه عمليا بحسب الظروف الموضوعية التي قد لا تسمح بتجليه على صورته الحقيقية والواقعية ، ولكن وبطريقة او باخرى تم اظهار جزء من هذا الفكر الولائي الصافي والاصيل ، واذا ما سمحت الظروف الموضوعية باظهاره اكثر فسوف يظهر .

عاشرا : القيادة المحبوبة :

ان القيادة المحبوبة والمرغوبة في الجمهورية الاسلامية الايرانية لها التاثير البالغ في استمرار هذه الثورة وديمومتها ونجاحها وصمودها بوجه اعداء الداخل ومنافقي الخارج .

ذلك ان القيادة المحبوية تعني انها متناغمة مع الشعب وتحيط بكل ما يعانيه وما يتطلع اليه ، كما ان ذلك يعني ان الشعب ينظر الى القيادة نظرة الراعي المسؤول ، وبسبب هذه المحبوبية من قبل الشعب للقيادة فإن هذا الشعب لن يبخل بتقديم كل ما يملك من طاقة من اجل الحفاظ على النظام وتقويته .

ان الثورة الاسلامية في ايران هي ثورة تصل منافعها وبركاتها واثارها الايجابية الى اي مكان يحل إشعاعها فيه ، وهذا ما تلمسته الشعوب المستضعفة والحرة كالشعب اللبناني والشعب الفلسطيني والشعب السوري والشعب العراقي والشعب اليمني والبحريني وغيرهم من الشعوب ، ومن هنا نفهم مغزى صداقة ومحبة الشعوب المعادية لامريكا والصهاينة للشعب الايراني المسلم ! ان المغزى واضح . فالشعب الايراني وقيادته الثورية مع قضايا الشعوب المحقة على الدوام .

ان الثورة الاسلامية في ايران اثبتت نجاح منهج الإصحار براية الحق الممهدة للظهور واثبتت بالمقابل بطلان منهج من يقول بالمغمورية في ظل الغيبة الكبرى للامام المهدي (عج) .

واصحاب المغمورية وللاسف الشديد يبخلون على منهج محمد وال محمد عليهم الصلاة والسلام ان تكون له بقعة ارضية تكون منطلقا لانتشار اشعاعات انوار محمد وال محمد القدسية في العالم .

ان هذه البقعة المباركة التي انتصرت فيها الثورة الاسلامية المباركة اضحت مقصدا لكل متحرر وابي وملاذا امنا لكل عشاق التحرر .

والشعوب المنهوبة والمتألمة من الاستكبار تلمست وتحسست كل نفع وكل بركة من هذه الثورة التي قادها باقتدار الامام روح الله الموسوي الخميني نور الله ضريحه .

ان الثورة الاسلامية بعد اربعة عقود من الزمن لا ريب هي في تصاعد مستمر ، وهي على وتيرة عالية في عملية التحديث ومسابقة العصر بالاعتماد على القدرات الذاتية والشباب الواعد المبدع ، ولولا الحصار المفروض عليها وتكالب الجميع عليها لشهدنا انجازات اعظم بكثير .

لقد استطاعت الثورة الاسلامية ان تغير موازين القوى ونجحت في تغيير المعادلات الدولية والاقليمية ، وأضحت ببركة مزاوجتها بين الاصالة والحداثة رقما صعبا في المعادلات الدولية والاقليمية .

وخير شاهد على ذلك مشهديات الانتصار في سورية ولبنان وفلسطين ، ومشهدية تشكيل محور كبير بوجه المحور الامريكي الصهيوني .

واذا ما دخلنا في تفاصيل التطور والابداع داخل الجمهورية الاسلامية الايرانية لرأينا ما يسر القلب ويفرح الفؤاد ، وانا ادعو الى الاطلاع على ذلك للوقوف على المدى الذي وصلت اليه الجمهورية الاسلامية بالرغم من الحرب الكونية عليها منذ تأسيسها وحتى الان ، فالحرب عليها لم تتوقف منذ تاسيسها كما يعلم القاصي والداني 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق