قصيدة "المُنْقَلَبْ" للشاعر سلمان عبدالحسين - مركز الأمة الواحدة
قصيدة "المُنْقَلَبْ" للشاعر سلمان عبدالحسين

قصيدة "المُنْقَلَبْ" للشاعر سلمان عبدالحسين

شارك المقال


المُنْقَلَبْ

هَذَا البَقِيْعُ تُرَابُ مَلْمَسِهِ الذَّهَبْ
عِوَضاً عَنْ الذَّهَبِ المُزَيِّنِ لِلْقُبَبْ

مَنْ فِيْهِ مَدْفَنُ أَهْلِ بَيْتٍ طُهِّرُوا
لا لَيْسَ يُعْفَىْ لَوْ يُسَوَّىْ بِالتُّرَبْ

إِنَّ القُبُورَ هِيَ المَهَاوِيْ لَيْسَ لِلْـ
أَجْدَاثِ .. بَلْ لِقُلُوبِ وَصْلٍ مِنْ عَجَبْ

أَوْ لَيْسَ تَسْمَعُ قَيْسَ لَيْلَىْ قَالَهَا
مَا حُبُّ دَارُ حَبِيْبِنَا أَصْلُ الطَّلَبْ

بَلْ حُبُّ مَنْ سَكَنَ الدِّيَارَ .. وَعَادَةٌ
فِيْ سِيْرَةِ المَجْنُونِ يُوصِلُ مَنْ أَحَبّْ

قُوْلُوا مَجَانِيْناً .. وَخَلُّوا بَيْنَنَا
وَبَقِيْعِنَا المَهْدُومِ .. لَيْسَ بِهِ عَطَبْ

فَالمُسْتَرَاحُ لَكُمْ قُصُورُ ذُنُوبِكُمْ
وَلَنَا البَقِيْعُ المَسْتَرَاحُ مَعَ النَّصَبْ

قُوْلُوا عَفَا .. إِنَّا قَوَائِمُ صَرْحِهِ
وَدِمَاؤُنَا لَبِنَاتُ مَنْ عَلَّىْ الرُّتَبْ

إِنْ تَهْدِمُوا تِلكَ القِبَابَ لِنَنْثَنِيْ
عَنْ قَصْدِنَا .. لَنْ تَحْصِدُوا إِلاَّ التَّعَبْ

إِنّا نَرَىْ تِلْكَ القِبَابَ .. أَلا نَرَىْ؟!
مِنْ كَرْبَلاءَ نَرَىْ البَّقِيْعََ .. وَذَا سَبَبْ

مِنْ نِسْبَةٍ فِيْ الطَّاهِرِيْنَ جَمِيْعِهِمْ
نَسَبُ القِبَابِ جَمِيْعُهَا ذَا مُنْتَخَبْ

إِنّا نَرَاهَا فِيْ الضَّمِيْرِ مُجَنَّحاً
لا فِيْ العُيُونِ كَسِيْرَةً وَالدَّمْعُ صَبْ

حَتَّى نُشِيْدَ قُبُوْرَ مَنْ نَهْوَىْ كَمَا
نَهْوَىْ .. وَنَرْمُقُهَا بِشَوْقٍ ذِيْ إِرَبْ

فَالأَرْضُ قُطْعَةُ قَلْبِنَا .. وَبَقِيْعُنَا
مُجْتَثَّةٌ مِنْكُمْ .. أَمِنَّا تُسْتَلَبْ؟!

أَنْتُمْ نَبَذْتُمْ أَرْضَنَا .. ذَا شَأْنُكُمْ
وَبِقُرْبِكُمْ كَانَتْ كَحَقٍّ مُغْتَصَبْ

وَبِبُعْدِنَا مُلْكِيَّةٌ بِأَثِيْرَهَا
لِلأَرْضِ طَارَتْ.. فَهْيَ تَبْلُغُ لِلْقَصَبْ

إِنَّا عَبِيْدُ مُحَمَّدٍ .. خَدَمٌ لَهُ
فِيْ مُلْكِ أَحْمَدَ نَحْنُ سَادَاتُ العَرَبْ

وَمَنْ ادَّعَوْهُ مِنَ القُصُورِ فَمَا لَهُمْ
قَبْرُ يُسَوَّىْ بِالتُّرابِ قَدْ اشْرَأَبْ

بَيْتُ النَبِيِّ وَبَيْتُ حَيْدَرَ مُلْكُنَا
وَرَحىً لِفَاطِمَ كَيْ نُدِيْرَ بِهَا القُرَبْ

وَمَزَارُ جِبْرِيْلٍ يَهِفُّ بِجُنْحِهِ
وَالوَحْيُ لِلْحَسَنَيْنِ رَاكَضَ بِالطَّرَبْ

لَعِبٌ بِدَارِ مُحَمَّدٍ لِمَسَرَّةِ الـ
أَهْلِيْنَ .. إِنْ تُعْفَىْ الدَّيَارُ .. فَمَنْ لَعَبْ؟!

وَجَمِيْعُ أَطْلالِ المَدِيْنَةِ مُلْكُنَا
مَا عَفَّ مِنْهَا سَهْمُ قَلْبٍ قَدْ نَشَبْ

وَالقَلْبُ نَحْنُ .. يَرُفُّ سَاعَةَ نَزْعِهِ
عَنْهَا .. وَأَنْتُمْ مِنْ مَجَاوَرَةٍ ذَنَبْ

وَالقَلَبْ رُغْمَ البُعْدِ .. رُغْمَ النَّزْعِ قَدْ
نَادَىْ إِلَىْ أَرْضِ البَقِيْعِ المُنْقَلَبْ

وَسَوَاءَ شِئْتُمْ ذَاكَ .. نَحْنُ مَشِيْئَةٌ
أَوْ لَمْ تَشَاءُوا .. فَالطَرِيْقُ لَنَا لَحَبْ

بِتَعَاقُبِ المِيْرَاثِ فِيْنَا .. قَدْ غَدَا
هَذَا البَقِيْعُ لَنَا كَحَقٍّ مُكْتَسَبْ

نَحْنُ الذِيْنَ نُحِبُّهُمْ .. لِذَوَاتِهِمْ
وَقُبُورِهِمْ وَالإِرْثِ ذَاكَ المُنْتَهَبْ

وَنَشُمُّ عِطْرَ وُجُودِهِمْ مِنْ مَهْدِنَا
لِلرَّمْسِ .. ما القِبَبُ العَفِيَّةُ مِنْ خَلَبْ

مَا شَأْنَ قَالِيْهِمْ يَعِيْشُ مُنَعَّماً
فَيْ مَلْكِهِمْ .. وَيَرَاهُ كَالبَيْتِ الخَرِبْ

إنْ جَاءَ طَوْعَ تَوَافُقٍ وَتَنَاصُحٍ
أَوْ لَنْ يَكُونَ المُلكُ فِيْهِ لِمَنْ غَلَبْ

بَلْ لِلْذِيْنَ يَمُنُّ رَبُّك أَنَّهُمْ
مُسْتَضْعَفُونَ .. وَفِيْ الوَلاءِ لَهُمْ نَسَبْ

مَنْ نِسْبَةِ الأَطَهْارِ يَنْصُرُهُمْ كَمَا
مِنْ كُلِّ حُرْمَانٍ لَهُمْ رَبِّي وَهَبْ

أَعْطَاهُمْ الدُّنْيَا عَلَىْ فَقْرٍ .. فَمَا
أَمْرِ البَقِيْعِ سِوَىْ لِوَاءٍ مُرْتَقَبْ

وَنُدُوبُ أَحْزَانٍ .. تُطِيْلُ دُعَاءَهَا
للهِ فِيْ لَيْلِ المَصَائِبِ وَالكُرَبْ

أَمْرِ البَقِيْعِ مِنَ الوُجُوبِ .. وَهَيِّنٌ
رُغْمَ الدُّمُوعِ وُحْرَقَةٌ فِيْمَنْ نَدَبْ

مِنْ طَرْفِ عَيْنٍ سَوْفَ يَأْتِيْ مِثْلَمَا
فِيْ عَرْشِ بِلْقِيْسَ الحُضُورُ لَقْدَ وَجَبْ

بَلْ هيِّنٌ فِيْ الحِيْنِ عِنْدَ أَوَانِهِ
أَنْ سَوْفَ يُرْجِعُهُ الدُّعَاءُ المُسْتَحَبّْ

صَبْراً .. وَتَطْرِيْفاً لِعَيْنٍ أَعْشَبَتْ
دَمْعاً .. فَهَذَا الحُلُمُ آذَنَ وَاقْتَرَبْ

في ذكرى هدم أضرحة أئمة البقيع (ع) .. كلمة واحدة .. المنقلب للقلوب الوالهة إليكم ولو بعد حين

..

سلمان عبدالحسين


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق