قام الرئيس سعد الحريري اَأمس بزيارة مفاجئة لحرم مرفأ بيروت وتحدث في الشان الإقتصادي والإصلاح وأضاف مساحيق التجميل ليخفي معالم وحش الخصخصة وقدمه لنا كمنقذ اساسي لمشاكلنا الإقتصادية وأشاد بلجنة إدارة المرفأ المثيرة للجدل والتي تعمل بمفردها بدون رقابة الدولة عليها. وهنا قمة الفساد.
مركز الامة الواحدة - مقالات - عدنان علامة
لقد هاجم الرئيس الحريري السياسيين وطلب منهم "أن ينضبوا"؛ ولكنه لم يوضح كيف سيتم "ضبضتهم".
إن الإصلاح الإقتصادي يكمن في محاربة الفساد ومحاسبة المفسدين وكف يد الغطاء السياسي. وإقفال أبواب الهدر من المداخيل الدولة. وللأسف أقول بأن الفساد عندنا "مقونن" أي تتم معظم الصفقات المشبوهة بالقانون ويتم التلاعب بدفاتر الشروط في المناقصات لتناسب شركة معينة. او تجري المناقصات بالتراضي. أو يتم التلاعب بصيغة قرارات مجلس الوزارات لتطلق صلاحيات وزير معين دون غيره لتمرير الصفقات. فالمقام هنا لا يتسع لفتح ملفات الفساد وآلية محاربته والقضاء عليه. وعلى سبيل المثال لا الحصر سأذكر حجم التدخلات السياسية لهدر أموال الدولة. فقد تدخلت أعلى الجهات المرجعيات لتجديد إستثمار نادي الغولف مع بلدية الغبيري ونادي ATCL مع بلدية جونية ببدلات رمزية. لذا سأحاول جاهداً تسليط الضوء على لجنة إدارة المرفأ وشروط سيدر والوظيفة الرئيسية لصندوق النقد الدولي بلسان رئيسته.
تم افتتاح العمل في المرفأ رسمياً في نهاية العام 1894 وكان تحت إدارة شركة فرنسية هي شركة «مرفأ وأرصفة وحواصل بيروت» بموجب امتياز من السلطنة العثمانية. وفي العام 1960 جرى استرداد الامتياز من الشركة الفرنسة ومنحه إلى شركة إدارة واستثمار مرفأ بيروت. برئاسة هنري فرعون فعملت هذه الشركة على تطوير المرفأ الذي تحول إلى مرفأ إقليمي كبير. وجاءت الحرب اللبنانية لتقضي على هذا الدور.
وفي نهاية العام 1990 انتهت مدة الامتياز الممنوح للشركة. وبانتظار إيجاد البديل شكلت الحكومة لجنة مؤقتة لإدارة المرفأ واستمرت هذه اللجنة حتى اليوم وتحولت إلى لجنة دائمة.
ومنذ استلام الدولة للمرفأ تم تشكيل ثلاث لجان مؤقتة آخرها وهي القائمة حالياً والتي تم تشكيلها في العام 2002 وهي المؤلفة من 7 أشخاص تتحكم بإنفاق الأموال التي تحصلها. فهي تحدد الأشغال وترسي الصفات بعيداً عن الرقابة الحكومية وقد أدى سوء الإدارة إلى تراجع إيرادات الدولة على الرغم من ارتفاع عائدات المرفأ. إذ لم تحول الإدارة إلى خزينة الدولة سوى 30 مليار ليرة عن العام 2013 ولا شيء عن العام 2012 مقابل 48 مليار ليرة عن العام 2011 أي أن حصة الدولة هي أقل من 10% من إجمالي الإيرادات.
وقد أثير أخيراً موضوع تلزيم إدارة المرفأ أشغال ردم الحوض الرابع إلى إحدى الشركات بكلفة وصلت إلى 130 مليون دولار من دون الرجوع إلى مجلس الوزراء أو ديوان المحاسبة كونها لا تخضع لهما، وتم الأمر بموجب موافقة وزير الأشغال العامة والنقل، ما أدى إلى ارتفاع الاعتراضات لعدة أسباب.
- الضرر الذي يلحق بالمرفأ جراء ردم حوض كبير دفعت الدولة أموالاً طائلة لإنشائه.
- تم إنشاء الحوض الرابع في العام 1996 بموجب المرسوم رقم 9040 ولا يمكن ردمه إلا بموجب مرسوم مماثل وليس بقرار من لجنة ادارة المرفأ.
- إرساء عقد أشغال بقيمة 130 مليون دولار من دون أية رقابة أو مناقصة، وقدر البعض وجود هدر في هذا العقد بنحو 40-50 مليون دولار.
وفي جولةٍ سريعة على قروض الدول التي أعرب عنها مؤتمر "سيدر"، يمكن رصد تركيز هذه الدول على ناحيتين أساسيتين هي: إجراء إصلاحات عاجلة في المالية العامة للدولة، وضمان صرف الأموال وفق الشروط التي وضعتها كل دولة من الدول الدائنة، وهي كالتالي:
"رصدت فرنسا في المؤتمر قروضاً للبنان بقيمة 492 مليون دولار، وهي إذ تتظاهر بالرغبة بالحفاظ على دور الدولة في تقديم الخدمات العامة، تضع من جهة ثانية شروطاً تأخذ البلاد باتجاه الخوصصة، ولا سيما خصخصة القطاع العام كقطاع الاتصالات الذي يسمى "نفط لبنان" نظراً لكبر حجم العائدات المتأتية منه للدولة، والذي عين رئيس الحكومة سعد الحريري الوزير محمد شقير على رأس هذا القطاع، وهو من أشد الدعاة إلى خصخصة قطاعات الدولة. وفي هذا الشأن قال وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لو دريان عقب مؤتمر سيدر إن الشروط المفروضة تنسجم "مع التشخيص الذي وضعه صندوق النقد الدولي والبنك الدولي"، فيما تحدث وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لو مير عن "أولوية إشراك القطاع الخاص في قطاعات "الكهرباء والنقل والمياه ومعالجة النفايات".
" البنك الدولي قدّم من جهته وعوداً بقيمة 4 مليارات دولار وفق أهداف مختلفة، بينها مليار كانت مرصودة مسبقاً ضمن برنامج دعم اللاجئين السوريين. ومثل البنك الدولي جاءت شروط الاتحاد الأوروبي على لبنان لإقراضه 12 مليون دولار كقروض ميسرة على ثلاث سنوات لتسهيل الاستثمار في دول الجوار".
" وفي عنوان مرتبط، تعهد الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية بـ500 مليون دولار على خمس سنوات، بشرط إقرار مجلس النواب اللبناني قرضين آخرين بقيمة 180 مليون دولار لتنفيذ مشروعات تنموية في مناطق تواجد اللاجئين السوريين، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص".
وكمحفزٍ آخر على الخصخصة، تحدث مسؤولو البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير عن نيتهم إقراض لبنان 1.2 مليار دولار خلال 5 سنوات، بشرط تطبيق برنامج الشراكة مع القطاع الخاص.
وآمل التركيز على تصريح السيدة كريستين لاغارد مدير عام صندوق النقد الدولي بتاريخ 04/01/2019 :" إن الحرب ليست في الانبار ولا حتى في العراق أو سوريا، الحرب على اقتصاديات الدول وتفقيرها وتجويع شعوبها وتجريدها من قوتها المالية ومن ثم العسكرية وتجعلها غير قادرة على شراء اطلاقة واحدة وعدم تمكنها من تسديد رواتب موظفيها وحتى العسكريين وقوات الامن عندئذ ستظهر قوى مسلحة خارج اطار الدولة تنتهك القانون وتثير الفوضى وتسلب الناس وتأخذ الأتاوات.
وبناء عليه فأننا نستنتج بأن سيدر وصندوق البنك الدولي والبنك الدولي ليسوا "كاريتاس" أو "جمعيات خيرية". فلهم أهدافهم السياسية وعيونهم على مشاريعنا المنتجة. وأفضل تعبير عن الأهداف كان لمديرة صندوق النقد الدولي.
وفي المحصلة فإننا نستطيع ان ننهض بإقتصادنا ويحصل وفرة مالية إذا تم وضع آلية الرقابة والمحاسبة وتفعيل الدستور لإلغاء كافة الصفقات القانونية والمخالفة للدستور الذي يسمو على كافة القوانين وتحديدا في إمتلاك عقارات على شواطئ البحار وضفاف الأنهار والذي يصنفهما الدستور اللبناني املاك عامة وإلغاء كافة المجالس الرديفة لعمل الوزارات. ووضع حد لمزاجية بعض الوزراء بتعطيل أو تعليق نتائج مباريات مجلس الخدمة المدنية بحجة التوازن الطائفي خلافاً للقانون.
وإن غداً لناظره قريب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق