فاطمة المعصومة .. اخت الرضا (ع ) ومسيرة العشق الولائي - مركز الأمة الواحدة
فاطمة المعصومة .. اخت الرضا (ع ) ومسيرة العشق الولائي

فاطمة المعصومة .. اخت الرضا (ع ) ومسيرة العشق الولائي

شارك المقال


ليس هناك اي مانع يمنع بلوغ المرأة اعلى المراتب الانسانية والتحليق عاليا بعيدا جدا عن الكثير من الرجال في سماء الفضيلة والعظمة الحقيقية والكمال اللا معتور بالنقص ، فهذا ممكن من جهة ، وهو واقع من جهة اخرى ، والوقوع فرع الامكان كما هو عليه التحقيق والبرهان والوجدان.

مركز الامة الواحدة - بقلم الشيخ توفيق علوية

هذا ما شهده الوجود ببركة الوجود المقدس للسيدة فاطمة الزهراء ( ع) كاعلى نموذج عرفه الوجود برمته
وكنموذج واقعي على كمال المراة ، وكمثال واقعي على المراة الصالحة القدوة لدينا السيدة فاطمة الملقبة بالمعصومة وهي فاطمة بنت موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام
ومن المعروف ان ولادتها ( ع) تمت في الاول من ذي القعدة سنة ( ١٧٣ للهجرة ) وهناك اقوال اخرى حول ولادتها كالقول بولادتها سنة ( ١٧٩ للهجرة ) ، وكالقول بان ولادتها تمت سنة ( ١٨٣ للهجرة ) اي نفس زمان استشهاد الامام الكاظم ( ع)
وبناء على انها عاشت مع والدها فلا يصح القول الاخير ، وبناء على انها اجابت عن مسائل الشيعة كما سيأتي فلا يصح القول الثاني وانما يصح القول الاول .
المهم ان هذه المرأة العظيمة ولجلالة موقعها ومكانتها السامية حملت القابا عديدة تدل على شرافتها وعظمتها ، والتي منها المعصومة وقد ورد هذا اللقب بحديث الامام الرضا ( ع) الذي قال : من زار المعصومة بقم كمن زارني . ومنها : كريمة اهل البيت . ومنها : اخت الرضا لانها كانت شديدة الالتصاق باخيها الامام الرضا ( ع) الى حد انها لما ودعته حينما هاجر الى طوس صعدت الى السطح ولم تنزل حتى غاب عن نظرها مع ما عانته من غصة الفراق والم الوداع . ومنها البرة ، والرشيدة ، والنقية والتقية والرضية والرضية والطاهرة والصديقة وغيرها .
ولمكانتها العظيمة كانت محورا لحديث اربعة من الأئمة المعصومين ( ع) وهم ( الصادق والكاظم والرضا والجواد عليهم السلام ) .
وقد ورد ان وفدا من اهل الري وفدوا الى الامام الصادق ( ع) ، فرحب بهم الامام ( ع) اجمل ترحيب ، ثم قال : ان لله حرما وهو مكة ، وان لرسول الله حرما وهو المدينة ، وان لامير المؤمنين ( ع) حرما وهو الكوفة ، وان لنا حرما وهو بلدة قم ، وستدفن فيها امراة من اولادي تسمى فاطمة فمن زارها وجبت لها الجنة .
وقد ورد الحديث بلسان اخر عنه ( ع) : الا ان قم الكوفة الصغيرة ، الا إن للجنة ثمانية ابواب ، ثلاثة منها الى قم ، تقبض فيها امراة من ولدي ، واسمها فاطمة بنت موسى ، تدخل بشفاعتها شيعتنا الجنة .
وقد ورد عن الامام الرضا ( ع) انه قال لسعد الاشعري القمي : يا سعد : عندكم لنا قبر ؟ قلت له : جعلت فداك . قبر فاطمة بنت موسى . قال ( ع) : نعم ، من زارها عارفا بحقها فله الجنة .
وقد ورد في حديث للامام الجواد (ع) كما في كامل الزيارات : من زار قبر عمتي بقم فله الجنة .
ان فاطمة المعصومة ( ع) التي ورد انها لم تتزوج لعوامل عديدة ذكرها احد المحققين ، لم يتجاوز عمرها الشريف على ابعد التقديرات اكثر من ثلاثين سنة .
وقد ظهر من تضاعيف سيرتها انها كاتت تحمل ثقلا علميا عاليا جدا ، فقد ورد ان جمعا من الشيعة قصدوا بيت الإمام موسى بن جعفر (ع) للتشرف بلقائه والسلام عليه، فأخبروا أن الإمام (ع) خرج في سفر وكانت لديهم عدة مسائل فكتبوها واعطوها للسيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام) ثم انصرفوا. وفي اليوم التالي – وكانوا قد عزموا على الرحيل إلى وطنهم – مروا ببيت الإمام (ع)، ورأوا أن الإمام (ع) لم يعد من سفره بعد، ونظرا إلى أنه لا بد لهم أن يسافروا طلبوا مسائلهم على أن يقدموها للإمام (ع) في سفر آخر لهم للمدينة، فسلمت السيدة فاطمة (ع) المسائل إليهم بعد أن كتبت أجوبتها، ولما رأوا ذلك فرحوا وخرجوا من المدينة قاصدين ديارهم . وفي أثناء الطريق التقوا بالإمام الكاظم (ع) وهو في طريقه إلى المدينة، فحكوا له ما جرى لهم فطلب إليهم أن يروه تلك المسائل فلما نظر في المسائل وأجوبتها، قال ثلاثا: فداها أبوها.
لقد عانت السيدة فاطمة المعصومة ( ع) اشد المعاناة عند فراق ابيها الامام الكاظم ( ع) الذي استشهد على ايدي الطغاة العباسيين، ثم عانت صعوبة فراق اخيها الامام الرضا ( ع) الذي تم اشخاصه من قبل المامون العباسي الى مرو .
وقد سافرت من المدينة قادمة الى خراسان ، وهناك رايان حول ذلك :
الاول ان الامام ( ع) هو من طلب منها القدوم فامتثلت .
الثاني : انها قدمت الى خراسان بشوق خاص منها وباذن من الامام الجواد ( ع) .
وعلى اي فقد ورد ان الامام الرضا ( ع) استاذن من المامون العباسي قدوم الشيعة الى خراسان ، وورد بان ١٥ الفا من الشيعة قدموا الى خراسان على دفعات ، وفور وصول عدد كبير الى اطراف شيراز تم صدهم من قبل العباسيين بامر من المامون العباسي خوفا من قوة شوكتهم ، وبعد معركة كانت الغلبة فيها للشيعة عمد العباسيون الى الحيلة والاشاعة بأن الامام الرضا ( ع) قد مات ، الامر الذي ادى الى تزعزعهم وتشتتهم وتفرقهم في البلاد ، وربما هذا الذي يفسر كثرة مراقد اولاد الائمة ( ع) لان الركب الشيعي كان يحمل الكثير من ابناء الامام الكاظم ( ع) وذريته الشريفة .
اما فاطمة المعصومة (ع) فقد انتقلت في موكب مؤلف من عدد من اخوة الامام الرضا ( ع) وابناء الامام الكاظم ( ع) وذريته الشريفة وغلمانه ومريديه ، وبمجرد وصول موكبها الشريف الى ( ساوة ) تم الهجوم على الركب من قبل العباسيين على قول او من قبل نواصب ابناء ساوة على قول اخر ، وقد تم استشهاد هارون اخو الامام الرضا ( ع) ثم استشهاد اخوته وابنائهم بمرأى من فاطمة المعصومة ( ع) ، وما لبثت ان مرضت هناك بعد هذه الحادثة وكانت تمني النفس برؤية الامام الرضا ( ع) ، فطلبت من خادمها ات يوصلها الى قم والمسافة بينهما تقريبا حوالي عشرة فراسخ ، وحينما وصلت الى قم استقبلها اهلها بحفاوة منقطعة النظير ، ونزلت في بيت موسى بن خزرج الاشعري القمي سبعة عشر يوما ثم ماتت ، وقد ورد انها ماتت مسمومة على قول ، والبيت الذي نزلت فيه موجود الان في محلة تدعى ( ميدان مير ) ومعروفة باسم ( ستية ) اي السيدة .
واختلف حول زمان رحيلها بعد الاتفاق على ان عام رحيلها هو ٢٠١ للهجرة .
والاقول حول يوم وشهر رحيلها :
الاول : العاشر من شهر ربيع الثاني . وهو الشائع الان .
الثاني : الثاني عشر من شهر ربيع الثاني .
الثالث : الثامن من شهر شعبان .
ان اجمال ما وصل الينا من سيرة ومسيرة فاطمة المعصومة ( ع) يعطينا دروسا عديدة منها اهمية الارتباط الوثيق بالشخص العالم الرباني الموجود في بيئتنا فوجوده نعمة الهية كبرى ، وهذا درس عملي نتعلمه من ارتباط فاطمة المعصومة (ع) باخيها الامام الرضا ( ع) ، ومنها علو الهمة وتحصيل التقوى الذاتية فلا تنفع القرابة من دون تقوى وصلاح ، ومنها ان الالقاب التي ياخذها الانسان ينبغي ان تكون عملية وبعد التوصف بها لا ان تكون اعلامية فارغة جوفاء لا جوهرية فيها ، ومنها ان يكون للانسان الاهداف المثالية التي يسعى للوصول اليها ، ففاطمة المعصومة ( ع) كان هدفها لقاء الامام الرضا ( ع) المعصوم وبطبيعة الحال كان لها لياقة عظيمة تؤهلها التشرف بلقاء المعصوم ( ع) ونحن نتعلم منها ان نحمل اللياقات التي تؤهلنا للقاء المعصوم ( ع) والتشرف بنصرته والكون في عديد جنده .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق