عصا ترامب تجرّ العربان إلى مؤتمر المنامة.. والويلُ لمن عصى! - مركز الأمة الواحدة
عصا ترامب تجرّ العربان إلى مؤتمر المنامة.. والويلُ لمن عصى!

عصا ترامب تجرّ العربان إلى مؤتمر المنامة.. والويلُ لمن عصى!

شارك المقال

فهم الذين يعلمون جيداً ما معنى قيام "دولة اسرائيل الكبرى" في المنطقة ومصيرهم إن حصل ذلك، ويعلمون أيضاً تكلفة مقاطعة المؤتمر وما نتائج أن تقول "لا" للولايات المتحدة، لكن ويا لسوء حظهم ليس بيدهم حيلة، فلم يعد بإمكانهم التراجع، هم مجبرين على المضي قدماً نحو المزيد من التطبيع والتصهين طالما الحبل الأمريكي ملتف حول رقابهم. 

مركز الامة الواحدة - بقلم زينب فرحات

يأتي رئيس وزراء اليابان، للجمهورية الإسلامية في إيران حاملاً معه أحلام الإدارة الأمريكية بالتفاوض، يُلقي مرشد الثورة الإمام علي الخامنئي عليه التحيّة، ويعتزم عدم الرد على رسالة ترامب كونه غير جدير بذلك وفق تعبيره، ثم يتابع الجلسة مع ضيفه الياباني للحديث بمواضيع أخرى.

في المقابل، يزور ترامب السعودية لأول مرة فيعود بـ450 مليار دولار (معلنة)، ومع ذلك لا ينفك عن استفزاز آل سعود لعقد صفقات مليارية بصورة دورية، ثم يعتلي منبراً ويهزأ بالمسؤولين السعوديين ويهدّدهم فيدفعون له المزيد وهكذا.

الفرق شاسع جداً بين الموقفين، بين أن تكون مستقلاً وبين أن تكون تابعاً وذليلاً، وطبعاً نحن لسنا بوارد المقارنة بين أنظمة شرعية وأخرى استعمارية ومحتلّة لأراضٍ وشعوب من دون أي حق، إنما لملاحظة كيف تتعامل الولايات المتحدة مع من يعتبرون أنفسهم حلفائها في المنطقة وكيف تفرض الدول التي تتمتع بالسيادة قراراتها على الولايات المتحدة، وهو الحال عينه بالتعاطي مع كيان الإحتلال الذي تصب جميع صداقات واشنطن في مصالحه بالدرجة الأولى.

خضوع الأنظمة المطبّعة

كم هو مزرٍ الحال الذي وصلت إليه الأنظمة العربية المطبّعة والصديقة مع الكيان الصهيوني، بما فيها السعودية، الإمارات، مصر، المغرب، الأردن وسلطنة عمان، أي الدول التي ستشارك في مؤتمر البحرين لإستكمال مراسيم تصفية القضية الفلسطينية، من جيوبها وإقتصادها وعلى حساب أراضيها وحكمها، فهم الذين يعلمون جيداً ما معنى قيام "دولة اسرائيل الكبرى" في المنطقة ومصيرهم إن حصل ذلك، ويعلمون أيضاً تكلفة مقاطعة المؤتمر وما نتائج أن تقول "لا" للولايات المتحدة، لكن ويا لسوء حظهم ليس بيدهم حيلة، فلم يعد بإمكانهم التراجع، هم مجبرين على المضي قدماً نحو المزيد من التطبيع والتصهين طالما الحبل الأمريكي ملتف حول رقابهم، ليس لإن واشنطن قوية بل لأنهم هم الضعفاء والأذلاء، لإن عروشهم مهزوزة ولأن حكوماتهم غير شرعية بُنيت على دماء الشعوب لا بحقوقها الإنتخابية، وهو ما عبّر عنه بوضوح الكاتب الإسرائيلي ايدي كوهين في مقابلة تلفزيونية: "سيحضرون وهم صاغرون.. وإلا عروشهم وكروشهم في خطر"، هكذا يتعامل الأمريكيون مع حلفائهم، فأن تكون حليفاً لواشنطن يعني أن تكون منبطحاً في صرح الإملاءات التي لا تنتهي.

تمويل صفقة القرن

أما عن آليات تمويل صفقة القرن فستتم وفق المخطط الإسرائيلي التاريخي الذي لا يزال ساري المفعول وهو تدمير العالم العربي بأيدي العرب، فبصراحة مطلقة قال مستشار الرئيس الأميركي جاريد كوشنر في حديثٍ له مع "رويترز" أن "إدارة ترامب تأمل بأن تغطي دول أخرى، وبشكل أساسي دول الخليج الغنية، ومستثمرو القطاع الخاص قدراً كبيراً من الميزانية المقترحة"، بالتالي تنقسم أهداف مؤتمر المنامة المزمع عقده في 25/ 26 يونيو الجاري إلى شقّين، الأول هو حلب الدول الخليجية المشاركة في المؤتمر مجدداً، لتمويل الصفقة والثاني هو رشوة الفلسطينيين بالدرجة الأولى والدول التي سيتم توطين الشعب الفلسطيني فيها وهي الأردن ومصر ولبنان.

لا نحتاج أموالاً 

ثم يتوجّه كوشنر بمنطق استعباطي ومتخلّف للفلسطينيين الذين يرفضون صفقة القرن قائلاً: "أضحك عندما يهاجمون ذلك بوصفها صفقة القرن.. تلك ستكون فرصة القرن، إذا كانت لديهم الشجاعة للالتزام بها".. وأخذ يزعم أنها ستأتي بإستثمارات إلى المنطقة قيمتها 50 مليار دولار وستوفر مليون وظيفة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وستضاعف الناتج المحلي الإجمال، لنسلّم أن ذلك سيحصل بالفعل، من قال لهذا الأخرق أننا نحتاج أموالاً؟ من قال له أن مشكلتنا مع الكيان الإسرائيلي تنحل بالمال؟ فليذهب هو وماله إلى الجحيم. نحن نجتهد لفرض سيادتنا على كافة الأراضي التي اقتُطعت من بلادنا في الـ1948 والـ1967، لا بل نعمل على إزالة الكيان الصهيوني سرطان هذا العالم من الوجود، لا تفاوض ولا حلول ولا سلام ولا صفقات بيننا وبين هذا العدو، جميع لاءات العالم نرفعها بوجهه ونعم واحدة للمواجهة وبالمكان والزمان الذي نحددهما نحن.

على أيّ حال، لا تعويل على الأنظمة العربية الخائنة فهي حليفة الكيان الغاصب وستزول معه، إنما التعويل على شعوب الأمة الإسلامية التي عمل العدو جاهداً لحرف وجهتها عن تحرير فلسطين، حتى يستفرد بها ثم يتغلغل شيئاً فشيئاً في المنطقة حتى يبتلعها بالكامل، هذا هو مشروعه بكل وضوح ومفتاحه التفرقة والفتن، ولا شك أنه نجح إلى حدٍ ما في خلق جدران طائفية على شاكلة سني – شيعي، وقومية مثل عربي – فارسي، لكن ما لم يفلح به هو تغيير قناعاتنا بأنه كيان غاصب.. فصحيح بيننا الكثير من المشاكل العقائدية والسياسية، وصحيح أننا نختلف في الإنتماءات وفي الرؤية وأحياناً نتخاصم ونتعاتب.. لكن ما نتفق عليه أهم وأكبر من ذلك بكثير، وهو تحرير فلسطين وإزالة "اسرائيل" من الوجود.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق