من خطبة الجمعة - الشيخ توفيق علوية - الفتوة الحيدرية في احد والدروس التربوية والاخلاقية - مركز الأمة الواحدة
من خطبة الجمعة - الشيخ توفيق علوية - الفتوة الحيدرية في احد والدروس التربوية والاخلاقية

من خطبة الجمعة - الشيخ توفيق علوية - الفتوة الحيدرية في احد والدروس التربوية والاخلاقية

شارك المقال


في وقعة احد صدح صوت جبرائيل ( ع) : لا فتى الا علي ولا سيف الا ذو الفقار الفتوة الحقيقية هي التي تظهر في الشدائد شجاعة وقوة وعلما وحكمة وتضحية ويقينا بالله المتعال وذكرا له لا تلك الفتوة الاستعراضية في الشوارع والسهرات وباوقات الاستجمام ، والتي قد يمارسها بعض الشباب على الضعفاء او على المسالمين او على المرضى وكل من يطمئن عدم ارادته القتال .

مركز الامة الواحدة - اسلاميات

هذا درس ينبغي للشباب ان يتعلموه من مدرسة الفتوة الحيدرية العلوية حيث برزت فتوة علي ( ع) في اقسى محنة وكشف بسيفه الكرب عن وجه الرسول الاعظم ( ص) بالرغم من اصابته بجراح كثيرة كلما تم رتق جرح انفتق جرح اخر .

لقد كان عدد المسلمين في احد حوالي ٧٠٠ شخص فيما كان عدد المشركين اضعاف هذا العدد ، وكان الموعد قرب جبل احد .
يقول الله المتعال عن هذه الوقعة :{ وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (١٥٢)إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }يظهر من هذه الايات وغيرها كما سيظهر ان الله المتعال وعد المسلمون بالنصر على لسان الرسول الاعظم ( ص) حيث قال : ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه } .

وبالفعل تم الانتصار في بداية الامر كما وعد الله المتعال .

ولكن ما الذي حصل ؟ لماذا تحول الانتصار الى هزيمة ؟ الجواب من نفس القران حيث قال الله المتعال : { حتى اذا فشلتم وتنازعتم في الامر وعصيتم من بعد ما اراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الاخرة } .
فالهزيمة اذن سببها :

الفشل في اتباع القيادة الالهية التي امرت الرماة وعدهم ٥٠ بالبقاء مهما كانت النتائج
التنازع : فمنهم من اصر على ترك الثغر واخذ الغنائم ومنهم من اصر على طاعة الرسول ( ص) بالبقاء وتم استشهادهم فيما بعد وهم الاقل .

وبعد انكشاف ظهر الجيش الاسلامي وتمكن خالد بن الوليد – احد المشاركين في الهجوم على بيت الزهراء عليها السلام – من التنكيل بالمسلمين من الخلف ، بدات عملية الفرار اذ لم يثبت من ال ٧٠٠ الا ١٤ شخصا كما نقل العلامة الطبرسي عن أبي القاسم البلخي أنه لم يبق مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم ” أحد ” إلا ثلاث عشرة نفسا (فيكون عددهم مع النبي ١٤) خمسة من المهاجرين وثمانية من الأنصار وقد اختلف في الجميع إلا في علي وطلحة فإنهما ثبتا ولم يفرا .

وعن هذا قال الله المتعال : { إذ تصعدون ولا تلوون على احد والرسول يدعوكم في اخراكم } .

ومن الذين فروا وهربوا ابو بكر وعمر وفلان وفلان ، وبرروا فرارهم بشائعة ان الرسول الاعظم ( ص) مات وتم قتله في المعركة ، فيما كان جواب الله المتعال لهؤلاء : ان المعركة معركة نهج لا معركة اشخاص مهما علت قداستهم .

يقول الله المتعال :{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ }فهنا نموذجان اذن ، نموذج الذين انقلبوا على الاعقاب واستمروا على ذلك الى حد قتلهم للنبي (ص) بالسم ، وقتل ابنته الزهراء (ع) ، واغتصاب الخلافة ، واضلال الناس الى عصرنا هذا ببدع كثيرة طيرت سننا كثيرة بقدرها .

وهناك نموذج احر هو نموذج الفتوة الحيدرية حيث قام الامام علي ( ع) باعظم دور تضحوي عرفته الدنيا .
ولقد روى الحمويني باسناده عن علي بن أبي طالب، قال: أتى جبرئيل النبي (ص ) فقال: إن صنماً في اليمن معفراً في الحديد، فابعث إليه فادققه وخذ الحديد ، قال: فدعاني وبعثني إليه، فذهبت اليه فدققت الصنم وأخذت الحديد فجئت به إلى النبي (ص) فاستضرب منه سيفين فسمى واحداً ذا الفقار، والآخر مخذماً فتقلد رسول اللَّه( ص) ذا الفقار وأعطاني مخذماً ثم أعطاني بعد ذا الفقار، ورآني رسول اللَّه (ص) وأنا أقاتل دونه يوم أحد فقال: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي.

وبالاسناد عن حبان عن محمّد بن عبيداللَّه بن أبي رافع عن أبيه عن جده قال: لما قتل علي (ع) اصحاب الألوية يوم أحد، أبصر النبي (ص) جماعة من مشركي قريش فقال لعلي: احمل عليهم، فحمل عليهم، وفرق جماعتهم، وقتل هشام بن أمية المخزومي، ثم ابصر النبي (ص ) جماعة أو جمعاً من مشركي قريش، فقال علي: احمل عليهم، فحمل عليهم وفرق جماعتهم وقتل يشكر بن مالك أخا عمرو بن لؤي، فأتى جبرئيل (ع) النبي فقال: ان هذه لهي المواساة، فقال النبي (ص) : إنه مني وأنا منه، فقال جبرئيل: وأنا منكما، فسمعوا صوتاً ينادي:

لا سيف الا ذو الفقار * ولا فتى الا علي .
وروى القندوزي باسناده عن علي بن الحسين، قال: قال رسول اللَّه (ص) لعلي بن أبي طالب (ع): يا أبا الحسن، لو وضع ايمان الخلائق واعمالهم في كفة ميزان ووضع عملك يوم أحد على كفة اخرى لرجح عملك على جميع ما عمل الخلائق، وان اللَّه باهى بك يوم أحد ملائكته المقربين ورفع الحجب من السموات السبع واشرفت اليك الجنة وما فيها وابتهج بفعلك رب العالمين، وان اللَّه تعالى يعوضك ذلك اليوم ما يغبط كل نبي ورسولٍ وصديق وشهيد .

انتا نحتاج الى الفتوة الحيدرية التي تتجسد شجاعة وانجازات في مواقف الشدة والمواقف الفيصلية المصيرية وتواضعا ورحمة ومحبة في الحياة العامة والخاصة




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق