السيد فادي السيد: الوقوف مع الحق يحتاج الى ميزان أمير المؤمنين(ع) - مركز الأمة الواحدة
السيد فادي السيد: الوقوف مع الحق يحتاج الى ميزان أمير المؤمنين(ع)

السيد فادي السيد: الوقوف مع الحق يحتاج الى ميزان أمير المؤمنين(ع)

شارك المقال







بسم اللهِ الرّحمن الرحيم ... الحمدُ للهِ ربِ العالمين وافضلُ الصلاةِ واتمُ التسليمِ على المبعوثِ رحمةً للعالمين سيدِنا ونبِّينا حبيبِ الهِ العالمين ابي القاسم محمدٍ وعلى الهِ الطيبينَ الطاهرينَ واللعنةُ الدائمةُ على اعدائِهم الى قيامِ يومِ الدين.

نتقدمُ من الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف ومن المراجع العظام والحوازات الدينية والعلماء الافاضل ومن الامةِ العربيةِ والاسلاميةِ بأسمى اياتِ العزاء بذكرى شهادة الامام علي عليه السلام نسال الله سبحانه وتعالى ان يرزقنا في الدنيا زيارته وفي الاخرة شفاعته.
 
اصحابُ السماحةِ والفضيلةِ والاستاذةُ الكرام والحضورُ العزيز السلامُ عليكم ورحمةٌ من اللهِ وبركاته

نرحبُ بحضورِكم الكريم في هذه الندوة المباركة تحتَ عنوان 

'الامام علي عليه السلام في الثبات على نهج الرسالة'

يقول اللهُ في محكمِ ِكتابِهِ

وَزِنُواْ بِٱلْقِسْطَاسِ ٱلْمُسْتَقِيمِ

معني القسطاس في الاية الكريمة هو الميزان كما ورد في الحديث الشريف حيث يقول عدد من المفسرين ان الامام المعصوم عليه السلام هو مثال ومصداق القسطاس المستقيم في المجتمع الاسلامي 

يقول رسولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله): «عليٌّ مع الحقِّ، والحقُّ يدورُ معه حيث دارَ، ولن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوضَ».

وفي روايةٍ أخرى يقول الرسول الاكرام (صلى الله عليه وآله):«عليٌّ مع القرآنِ والقرآنُ معه ، لا يفترقانِ حتى يردا عليَّ الحوضَ».

والإمامُ علي سلام الله عليه تحدث عن ملازمتِهِ لكتابِ اللهِ تعالى حيث يقولُ: «وَوَاللهِ إِنْ جِئْتُهَا إِنِّي لَلْمُحِقُّ الَّذِي يُتَّبَعُ، وَإِنَّ الْكِتَابَ لَمَعِي، مَا فَارَقْتُهُ مُذْ صَحِبْتُهُ».كما تحدث الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله عن اعلى مراتب  الامام بالقول: «من أراد ان ينظر الى آدم في جلالته والى شيث في حكمته والى إدريس في نباهته ومهابته والى نوح في شكره لربه وعبادته والى إبراهيم في وفائه وخلته والى موسى في بغض كل عدو لله ومنابذته والى عيسى في حب كل مؤمن ومعاشرته فلينظر الى علي بن أبي طالب عليه السلام» (بحار الأنوار:ج17ص419ب5ح49)

انّ من تجلياتِ صفاتِ امير المؤمنين عليه السلام البارزةِ هي امتلاكُ البصيرةِ التي تجعلُه يرى الحقَّ تماماً ، بل أصبحَ الحقُّ متّحداً معه فهو يدورُ معه كيفما دارَ وجسد الامام هذا الامر قولا وعملا وليس بالشعارات الطنانة الرنانة كما يجري اليوم للاسف الشديد مع اغلب الزعماء واصحاب المؤسسات الخيرية عندما يريد ان يساعد الفقراء يقوم باذلالاهم من خلال تصويرهم على شاشات التلفاز حتى يظهر للناس بانه رجل خير ومعطاء من اجل حسابات سياسية وانتخابية ضيقة متجاهلا قول الرسول صلى اللّه عليه وآله: ' ((أفضَلُ الصَّدَقةِ سِرٌّ إلى فَقيرٍ وجُهدٌ مِن مُقِلٍّ)) واليوم نحن على ابواب الانتخابات في لبنان والخير سيزيد كلما اقترب الوقت من ذلك 

شعب يعيش حالة الفقر والعوز والبؤس لايجد ما يفطر عليه في شهر الخير وسط انعدام اهل الخير لكن عندما تصل النوبة الى الانتخابات نجد الخير يتدفق بشكل كبير وكأن البلد اصبح بخير وبطل فيه أزمات مالية ولا اقتصادية لذلك الرسول صلى اللّه عليه وآله يقول : ' ما مِن صَدَقةٍ أفضلَ مِن قَولِ الحَقِّ'.لذلك اليوم هذه الشعوب تتحمل مسؤوليتها الشرعية والقانونية في اختيار من يمثلها في البرلمان لترفع الظلم عنها وان لا ترهن نفسها للفاسقين والتجار بثمن بخس لان هؤلاء سيبيعونك ويبعون البلاد باي ثمن كان للحفاظ على مصالحهم والشواهد على هذا الامر كثيرة.

والامام علي عليه السلام كان يعمل من اجل الناس كان يريد ان يوصلَهم إلى الجنّةِ ويُجنّبَهم النارَ، لذلك خاطب أهلَ البصرةِ بالقول: «فَإِنْ أَطَعْتُمُوني - فَإِنِّي حَامِلُكُمْ إِنْ شَاءَ اللهُ عَلَى سَبِيلِ الْجَنَّةِ - وَإِنْ كَانَ ذَا مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ وَمَذَاقَةٍ مَرِيرَةٍ»، ويقولُ الإمام الخامنئيُّ متحدّثاً عن هذه الخصوصيّةِ في شخصيّةِ فهدف الإمامِ عليه السلام تجاه الناسِ خلالَ فترةِ حكمِه هو إيصالُ الناسِ إلى الجنّةِ ، سواء على الصعيدِ الفكريِّ، أو الروحيِّ والقلبيِّ لهم، أو على صعيدِ حياتِهم الاجتماعيّةِ لكن بشرط طاعة الامام وتنفيذ ما يقوله.

لذلك الامام سلام الله عليه كان يعتبر سجوده وعبادته ليست في المسجد فحسب بل العبادة يجب ان تتلازم مع ايواء الايتام وقضاء حاجات المحتاجين والتخفيف عن المظلومين والمقهورين وفي اصلاح شأن الناس وهذا ما عبر عنه رسول الله صلى الله عليه واله : « - أَلَا أَدُلُّكُم على أَفْضَلَ من درجةِ الصلاةِ والصيامِ والصدقةِ ؟ قالوا : بلى 

قال: إصلاحُ ذاتِ البَيْنِ فإنَّ فسادَ ذاتِ البَيْنِ هي الحالِقَةُ. لا أقولُ: إنها تَحْلِقُ الشَّعْرَ ولكن تَحْلِقُ الدِّينَ))

فالامام جسد سجوده في المحراب مع اليتيم والفقير والمحتاج ليجسد دور الحاكم الحقيقي مع الرعية من اجل الاهتمام بالفقراء والمساكين ليحافظ عليهم لكي لا يقنتوا من رحمة الله سبحانه وتعالى لذلك نجد ان الفرقُ بين الامام خلال فترة حكمه وسائرِ الحكّامِ ان الامام اختار عيشة الفقراء والمساكين حتى لو جاء فقير ليطلب حاجته من خلفية المسلمين كان يجد بان حاله افضل بكثير من حال الحاكم.والامام المغيب موسى الصدر اعاده الله علينا بخير وسلامة اعتبر ان الصلاة هي الاهتمام بأمور الناس وتأمين حاجاتهم واصلاح شؤونهم بإيواء الايتام ومعاجلة مشاكلهم هي السعي من اجل الحفاظ على عزة الامة وكرامتها كما راي السيد الصدر ان الصلاة من العبد الذي لا يهتم بشؤون الاخرين غير مقبولة.

خصوصا اليوم ايها الاحبة ما يجري على اهلنا في لبنان والعراق وفلسطين واليمن خير شاهد على ذلك ما النفع في احياء ليالي القدر واداء الصلاة والصوم والناس لايجدون فيه قوت يومهم ولا يجدون من يمد لهم يد العون عند شداد المحن كما يجري اليوم على الشعب الفلسطيني في المسجد الاقصى المسلمون في ثبات عميق واولى القبلتين تستباح من قبل الصهاينة وكلام الامام علي عليه السلام في كتابه إلى والي البصرة عثمان بن حنيف الأنصاري عندما بلغه أنه دعي إلى وليمة قوم من أهلها، فمضى إليها خير شاهد على ذلك عندما توجه له بالقول.

هَيْهَاتَ أَنْ يَغْلِبَنِي هَوَايَ وَيَقُودَنِي جَشَعِي إِلَى تَخَيُّرِ الْأَطْعِمَةِ وَلَعَلَّ بِالْحِجَازِ أَوْ الْيَمَامَةِ مَنْ لَا طَمَعَ لَهُ فِي الْقُرْصِ وَلَا عَهْدَ لَهُ بِالشِّبَعِ أَوْ أَبِيتَ مِبْطَاناً وَحَوْلِي بُطُونٌ غَرْثَى وَأَكْبَادٌ حَرَّى أَوْ أَكُونَ كَمَا قَالَ الْقَائِلُ :وَحَسْبُكَ دَاءً أَنْ تَبِيتَ بِبِطْنَةٍ * وَحَوْلَكَ أَكْبَادٌ تَحِنُّ إِلَى الْقِدِّ

أَ أَقْنَعُ مِنْ نَفْسِي بِأَنْ يُقَالَ هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا أُشَارِكُهُمْ فِي مَكَارِهِ الدَّهْرِ أَوْ أَكُونَ أُسْوَةً لَهُمْ فِي جُشُوبَةِ الْعَيْشِ فَمَا خُلِقْتُ لِيَشْغَلَنِي أَكْلُ الطَّيِّبَاتِ كَالْبَهِيمَةِ الْمَرْبُوطَةِ هَمُّهَا عَلَفُهَا أَوِ الْمُرْسَلَةِ شُغُلُهَا تَقَمُّمُهَا تَكْتَرِشُ مِنْ أَعْلَافِهَا وَتَلْهُو عَمَّا يُرَادُ بِهَا 

فالواجب الديني والاخلاقي والانساني يحتم علينا جميعا ان لا نجلس في المساجد لاحياء ليالي القدر فقط بل علينا تجسيد الاحياء في كسب رضا اب أو ام أواخ أواخت في صلة الرحم في اطعام المساكين في رفع الظلم وكفالة يتيم ومساعدة مريض.

المقصود من هذا الكلام ان تجعل قلبك مسجدا لله سبحانه وتعالى فعندما تريد ان تدخل الى بيت الله عليك ان تكون طاهرا روحيا قبل ان تحقق الطهارة المادية ساعتئذ ستحل عليك ليلة القدر وستشعر بلذتها وسيستجاب دعاؤك وستقضي حوائجك. 

هذا هو مسلك الصراط المستقيم عند امير المؤمنين عليه السلام كان منطقه مقارنا مع افعاله لذلك عندما نتحدث عن الامام عليه السلام بانه ميزان الحق ليس من منظورنا الخاص الضيق وليس انطلاقا من خلفية طائفية او عصبية مقيتة بل من خلال وضع اعمالنا واقوالنا في ميزان الصراط المستقيم للامام ((وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)) لنرى الى اي مدى نشبه الامام عليه السلام في الحياة بالقول والعمل.

فواجبُنا اليوم، ان نقوم بنفس العمل الذي وضع أعباءَه الإمامُ عليُّ بنُ أبي طالبٍ عليه السلام على عاتقِه.ان نعمل من اجل الناس لنكون من احباب الله سبحانه وتعالى وهذا ما عبر عنه رسول الله صلى الله عليه واله (( الخلْقُ كلُّهم عِيَالُ اللهِ ، فأحبُّهُمْ إلِى اللهِ أنفَعُهم لِعيالِهِ)).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق