كلمة الشيخ توفيق علوية في ندوة كلية الامام الكاظم عليه السلام العراقية حول حوار الاديان وزيارة بابا الفاتيكان للمرجع السيستاني وللعراق - مركز الأمة الواحدة
كلمة الشيخ توفيق علوية في ندوة كلية الامام الكاظم عليه السلام العراقية حول حوار الاديان وزيارة بابا الفاتيكان للمرجع السيستاني وللعراق

كلمة الشيخ توفيق علوية في ندوة كلية الامام الكاظم عليه السلام العراقية حول حوار الاديان وزيارة بابا الفاتيكان للمرجع السيستاني وللعراق

شارك المقال


 الكلمة التي القاها الشيخ توفيق علوية في ندوة حول حوار الاديان وزيارة بابا الفاتيكان الى العراق والمرجع السيستاني ، والتي نظمها قسم الشريعة في كلية الامام الكاظم عليه السلام . العراق .


بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين ، وبه نستعين ، وافضل الصلاة واتم التسليم على الرسول الاعظم محمد ، وعلى اله الاطهرين الاكرمين الازهدين الاخيرين الاعلمين الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم 


المؤتمرون والمنتدون الكرام . سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركات .


يقول الله المتعال في القران المجيد : 

{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (٦٤)يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٦٥)هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٦٦)مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٦٧)إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِين}


هذه الايات تتحدث عن مفاصل وامور مهمة في موضوع تعدد الشرائع : 


الامرالاول :  لا يوجد اديان متعددة وانما هو دين واحد مركزي وداىم لا يتغير بتغير الزمان ولا يتبدل ، نعم التعدد هو للشرائع المتعددة بحسب الزمان والمكان وتطور العقل البشري . قال تعالى : {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } 

 ولهذا ورد ان الله المتعال علم بانه سيكون في اخر الزمان اناس متعمقون فجعل لهم سورة التوحيد . فالدين واحد لجميع الشرائع لانه حقيقة والحقيقة هي نساية النسابات ولا تتجزا ولا تتعدد لا بالتراضي ولا بالمجاملات ، ومن هنا  لاحظوا ماذا قال الله المتعال : { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا } ، فليست المسالة مسالة شعار وادعاء نسبة وصلة ، وانما المسالة مسالة اتباع وعمل وسعي ، ومن هنا ما يقال عن شيء يسمى ( حوار الاديان ) غير سليم ، لان الحوار هو بين الديني واللا ديني ، بين ابراهيم والنمرود ، وبين موسى وفرعون ، وبين عيسى ومن ناووه ، بين محمد صلى الله عليه واله زسلم وعتاة قريش ، اما الديني فلا يتحاور مع الديني وانما يتعاون كل منهما للبحث عن الحقيقة لا ليتحاورا من اجل اظهار من هو مع الحق ومن هو مع الباطل ، فالديني مع الديني ينبغي عليهما على حد  سواء الاقبال الى كلمة سواء التي هي { الا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا اربابا من دون الله } . ومن هنا كانت كلمة الاسلام بمعنى التسليم لامر الله  المتعال والانقياد التام هي المفردة الملازمة لسائر الانبياء :{ فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} ، وقال الله المتعال : { وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٢٧)رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٢٨)رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٢٩)وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (١٣٠)إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (١٣١)وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٣٢)أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} 


 الامر الثاني : اولى الناس بابراهيم عليه السلام  هو الانتساب الصفتي والعملي لا النسبي والسببي والشكلي والشعاراتي والتسمياتي ان صح التعبير ،  وهذا معنى : { إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِين} فاعطى الله المتعال المفهوم العام بمن هم احق بالتسمية ، وايضا حدد المصداق وقال { وهذا النبي والذين امنوا والله ولي المؤمنين } نعم فمحمد واهل بيته عليهم الصلاة والسلام الذين هم دعوة النبي ابراهيم عليه السلام ومن  تبع محمدا وال محمد الى يوم القيامة هم اولى الناس بابراهيم عليهم السلام .  

من هنا لا يمكن للظالمين والطاغين والمحاصرين والمفقرين والمكبتين لحريات الناس وللمغيبين للعدالة الاجتماعية وللمعنفين ان يكون لهم بابراهيم عليه السلام اي نسبة ، وابراهيم عليه السلام جاء ليحطم الاصنام الجامدة  والاصنام البشرية المتحركة ، ثم هل من المعقول ان تترك الوحدة الاسلامية والوحدة الدينية والوحدة الانسانية ثم تتجه نحو المغتصبين للارض والمنتهكين للعرض والممتصين لدماء الشعوب لتقيم معهم وحدة موهومة واختراعية تسميها وحدة ابراهيمية وهي  ليست من الوحدة الصحيحة بشيء ، وليست من ابراهيم عليه السلام بشيء . 


الامر الثالث : ان عبارات { الذين امنوا } الواردة في اولوية الانتساب للنبي ابراهيم عليه السلام اعم من العرب فتشمل كل مؤمن بلا فرق بين الاعراق والالوان ، لانه لا فضل لعربي على اعجمي وبالعكس الا بالتقوى ، و { ان اكرمكم عند الله اتقاكم } ، ومن هنا قام الرسول الاعظم صلى الله عليه واله وسلم بعمل عظيم هو المؤاخاة ، فصارت العلاقة الايمانية اقوى من اي علاقة اخرى { انما المؤمنون اخوة } .


ان علماء محمد وال محمد هم اولى الناس بابراهيم عليه السلام ، والمراجع العظام وسماحة المرجع السيد السيستاني حفظه الله من الذين هم اولى الناس بابراهيم عليه السلام  تبعا لمحمد وال محمد عليهم افضل الصلاة والسلام . 


 ومن هنا ناتي الى زيارة بابا الفاتيكان الى سماحة المرجع السيد علي السيستاني حفظه الله ، والى العراق ، عراق المجد والسؤدد ، عراق الكرم والجود ، عراق الانبياء وامير المؤمنين عليه السلام ، والحسين والعباس عليهما السلام وكربلاء ، عراق حواري الامام علي عليه السلام ، عراق الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف ، عراق الحضارة والعلم والكلمة ،  نعم ناتي الى هذه الزبارة من ناحية الشكل ومن ناحية المضمون . 

فمن ناحية الشكل اثبتت المرجعية الدينية ان انجذاب القلوب للشخصية لا يحتاج الى مناصب ولا الى زبارج وبهارج وزخارف وذهب والماس وفضة ولا الى لوبيات خفية ترفع فلانا الى منصب وتضع فلانا وانما بالدين والعلم والاخلاق والانتساب العملي لمحمد وال محمد عليهم افضل والسلام تصبح الشخصية شخصية لها هيبة معنوية بلا كرسي وسلطة بلا سلطان وزعامة بلا منصب . فقد راينا ان اعلى الشخصيات العالمية دينية وغير دينية تقصد هذا الزقاق وتتنقل بداخله لتقابل هذه الشخصية الاستثنائية كما تم وصف سماحة المرجع السيستاني بذلك في كثير من الفضائيات والتحليلات التي رافقت الزيارة  .


اما من ناحية المضمون فقد تطرق سماحة المرجع الى عدة امور : 


منها : تكريس القيم الدينية في العالم لاستثمار كل خيرات عالم التكوين لصالح البشرية 


ومنها :  تثبيت القيم الاخلاقية وجعلها شعارا عاما للبشرية حتى للذين لا يؤمنون بالاديان من باب كونها من المستقلات العقلية 


ومنها : التوجه الى القوى العظمى ويقصد بذلك امريكا ومن معها ،  انكم لماذا لا تنصتون الى صوت الدين والعقل والقيم لعدم الإيغال في ظلم الناس ومصادرة مقدرات الشعوب مالا وطاقات وخيرات وغيرها . يعني سماحة المرجع توجه لبابا الفاتيكان بمضبطة : انت لديك منصب رسمي في العالم  ولديك دولة وهذه القوى قد تحولت الى قوى استكبار وظلم  وهي تحمل شعار المسيحية فأعمل صلاحياتك وتوصياتك وارشاداتك لهم للحيلولة دون ظلمهم وقهرهم وحصارهم واضطهادهم للشعوب وكبت حرياتهم .  


ومنها : اللاءات السبعة : 

١ - لا للفقر : فارادة تجويع البشرية انما انطلقت من هذه القوى الاستكبارية 

٢ - لا للظلم : فالظلم لحق كل البشرية بسبب الممارسات الشتيعة لهؤلاء 

٣ - لا للحصار : فهؤلاء يحاصرون الشعوب من جميع الجهات لاسيما من الجهة الاقتصادية 

٤ - لا لكبت الحريات الدينية : فما شهده العراق وما شهدته سوريا وما شهده لبنان من قبل التكفيريين المدعومين من الامريكي ضد شعوب هذه المنطقة هو كبت للحريات الدينية بل قتل للروح الدينية 

٥ - لا لغياب العدالة الاجتماعية : فالعالم وبسبب الجرائم والسرقات الامريكية يعيش يتما حقيقيا من ناحية العدالة الاجتماعية 

٦ - لا للعنف : السلام هو الاصل في كل الاديان ، وبما ان بابا الفاتيكان دعا الى اسكات الاسلحة وصمتها ، فالعنف والحصار اعم من السلاح فهذه القوى الاستكبارية تمارس العنف من خلال الايعاز للانظمة التابعة لها بتعنيف الناس ، وهي تمارس العنف والحصار من خلال توقيع امضاء تجويع الناس 

٧ - لا للتطبيع : ولعل رفض التطبيع كان اجمل رد من المرجعية على كل محاولات التآمر على القضية الفلسطينية من بوابة التطببع وتحت شعار الابراهيمية المكذوبة والموهومة ، اذ ان الاولوية الابراهيمية هي للمظلومين لا للظالمين ، . وقد كرس سماحته القضية الفلسطينية واعتبرها محتلة ورفض التطبيع . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق