من السيدة زينب عليها السلام في ذكرى رحيلها نتعلم - مركز الأمة الواحدة
من السيدة زينب عليها السلام في ذكرى رحيلها نتعلم

من السيدة زينب عليها السلام في ذكرى رحيلها نتعلم

شارك المقال

يقول الله المتعال : {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ▪︎الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ▪︎ أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}

الله المتعال هنا يصلي على الصابرين !! وزينب عليها السلام من اعظم واجلى مصاديق الصابرين !! بل هي سيدة الصابرين والصابرات !! ولهذا الله المتعال يصلي على هذه الصابرة الممتحنة العظيمة !! لقد تمت عملية الحسين عليه السلام بنجاح ، واستطاع دم الحسين عليه السلام ان يخترق جدار المشروع( السقيفي – الاموي) بكل قوة !! استطاع تأدية دوره ووظيفته بفعالية منقطعة النظير ومعدومة الشبيه !!

مركز الامة الواحدة - مقالات - بقلم الشيخ توفيق حسن علوية كاتب وباحث من لبنان


كمية ونوعية الدم الحسيني كافية لازالة كل الظالمين في الوجود على كل امتداد الزمان والمكان !! الرصيد الكربلائي كاف وواف لاستىئصال كل المجرمين في كل الوجود !!

ان الدم الحسيني الزاكي يقتضي إفناء ومحو كل الظالمين، والاجيال الولائية لديها القابلية واللياقة التامة لتلقي هذا الدم وصياغة انتصارات عظيمة ببركته ، الا ان المانع هو تخطي هذه المرحلة الزمنية الحرجة بعد استشهاد الحسين عليه السلام !! هذه المرحلة هي المرحلة الزينبية – السجادية – !! مرحلة الموقف الزينبي !! الصبر الزينبي !! النطق الزينبي !! الشجاعة الزينبية !! وقد تخطتها زينب عليها السلام بنجاح منقطع النظير ايضا !!

كانت زينب عليها السلام تعلم بأن الازمنة الاتية ستكون ازمنة انتصارات ، ولكن هذه المرحلة الزمنية المحدودة بحدود استشهاد الحسين عليه السلام لم تكن تحتاج الا الى صبر !! فأنت تعلم بأن عمليتك الجراحة ناجحة مائة بالمائة ولكنك فقط تحتاج الى صبر في الاثناء !! وهكذا زينب عليها السلام كانت تعلم بأن عملية

الحسين عليه السلام نجحت ولكنها تحتاج الى صبر في الاثناء !!! هذا الصبر سوف يتكفل باخراج النهضة الحسينية من هذا الممر الضيق ا!! من هذا المخاض المؤلم !!

كثير من الناس يعلمون بأن المعاصي تؤدي الى النار والطاعات تؤدي الى الجنة ولكنهم يعصون ولا يطيعون .لماذا ؟؟!! لانهم لا يصبرون على الم الطاعة وعن لذة المعصية !! فوظيفتهم هنا الصبر وليس اكثر من ذلك !!!

الزوج يعلم بأنه ان صبر على اعتراضات زوجته يغنم بعد ذلك وكذا الزوجة ولكنهما يفتقدان الى الصبر !!! الاب يعلم بأن صبره على معالجة اخطاء الابناء يؤدي الى نتيجة مرضية ولكنه لا يتحمل ذلك فيتغافل او يهرب من المسؤولية ويستقيل من الوظيفة الابوية !! الابناء يعلمون بأن الصبر على كبر سن الوالدين يؤدي الى الجنة ولكنهم لا يتحملون ذلك فيقعون في فخ العقوق !! العامل والموظف يعلم بأن الصبر على اذى مشغله ومديره يؤدي به الى حياة كريمة لاسرته ولكنه لا يصبر فيقع في فخ البطالة !! وهكذا البائع في السوق اذا صبر على اذى المشتري ومماحكته يغنم ولكنه لا يصبر فيقع في فخ تكدس السلعة !!

زينب عليها السلام بصبرها العظيم حولت كربلاء من جغرافيا محدودة الى وجود وسيع !! بصبرها نقلت الصراع بين الحق والباطل بين المنهج اليزيدي والمنهج الحسيني عبر ممر ضيق جدا الى رحاب الوجود الفسيح

زينب عليها السلام بصبرها جعلت كربلاء امتدادية مربوطة بالراية العظمى للامام المهدي عجل الله فرجه

زينب عليها السلام استطاعت ان تزجنا وتزج كل الاجيال القادمة في معركة كربلاء بعدما كان يظن يزيد ومن سبقه بأننا كأجيال سنكون من متلقفي وشاربي الثقافة الاموية اليزيدية

زينب عليها السلام استطاعت تمرير كربلاء الينا عبر ممر حرج وشاق وعسير بجهود جبارة لو لم تتكفل هي بتمريرها الينا لانغلق بابها ولم يصل الينا اي شيء من بركات النهضة الحسينية ، ولم نكن لننعم ولو ببركات دمعة على الحسين عليه السلام !! فلم نكن لنشهد انتصاراتنا على اسرائيل ولا على السفيانيين !! ولم نكن لننعم بنعمة اننا من شيعة محمد وال محمد !!

زينب عليها السلام اثبتت بصبرها الممزوج مع مواقفها البطلة ان الحقائق لا تبددها نشوة انتقام ظاهرية وسريعة الزوال !!

زينب عليها السلام علمتنا ان الصبر هو الوسيلة الحصرية للنصر !! فلا نصر بلا صبر !! ولهذا لم يتألق مفهوم الصبر ولم يتجسد كتألقه عند زينب عليها السلام !!

زينب عليها السلام اوصلت لكل الزينبيات رسالة عظبمة مفادها : ان كل امراة تريد ان تكون زينبية في اي موقع من المواقع الحياتية والمعيشية فإن عليها ان تجعل من الصبر سلاحا رئيسا ، الصبر بدلا عن الصراخ الاجوف ، والصبر بدلا عن الاغماء ، والصبر بدلا عن الضعف ، والصبر بدلا عن الخوف ، والصبر مع الاعتماد على الذات بدلا من الاتكاء على الغير !!


زينب عليها السلام ارشدتنا الى ان الصبر هو قيمة مشتركة ومجبولة ومشحونة مع كل شيء !! ولهذا كان الصبر عندها عليها السلام كان مجبولا ومشحونا ومعجونا بكل كلماتها ومواقفها وحركاتها !! جعلت الصبر مندكا مع كل شيء !! الصبر مع الشجاعة !! الصبر مع الموقف بوجه طاغتيتين وبمحضرهما !! الصبر مع قوة المنطق وقوة الكلمة !! الصبر مع الاهتمام بالعيال والاطفال !! الصبر مع كل تلك العواطف الجياشة عند وداع الاجساد الطاهرة !! الصبر مع ضغوطات السبي !! الصبر مع ترقب كل استحقاقات الحدث الكربلائي !! الصبر مع الحصار !! الصبر مع العطش !! الصبر مع تسليم الحسين عليه السلام وديعة الزهراء عليها السلام !! الصبر مع استشهاد الاصحاب الذي يعني بقاء الحسين عليه السلام وحيدا فريدا !! الصبر مع استشهاد العباس !! الصبر مع استشهاد الاكبر والقاسم والرضيع وولدها !! الصبر مع استشهاد كل ال محمد في كربلاء !! الصبر مع وداع الحسين عليه السلام ومع استشهاده !!

زينب عليها السلام اثبتت ان كل عمل وكل جهد وكل موقف وكل عاطفة وكل حب وكل فعل اختياري لا بد ان يكون مجبولا ومشحونا وممزوجا بالصبر ، ولا بد ان يكون الصبر من اهم خصائص تركيبته حتى ينتج الثمرة المطلوبة !!

زينب عليها السلام استطاعت ببركة كل جهادها الممزوج بالصبر ان تثبت انه يمكن للمراة ان تضطلع بدور طليعي حصري في اصعب اللحظات الزمنية الحرجة ، وان يكون جهاد الرجال فيما بعد متفرعا عن جهادها !! زينب عليها السلام السلاح الذي اعطته لكل احد بعدها – ولا سيما للنساء – هو سلاح الصبر الذي لا يوجد احد في الوجود الا ويمتلكه !! فانت قد تكون في موقف حرج وصعب فلا تمتلك سلاحا ولا مالا ولا سلطة ولا قوة بدنية ولا ناصرا ولا معينا !! فماذا تفعل !!! هل تستطيع ان تواجه ؟؟ زينب عليها السلام تقول لك : نعم !! تستطيع المواجهة بسلاح الصبر !! ولكن اي صبر ؟؟ هل هو صبر الضعيف !؟؟ هل هو صبر الجاهل ؟؟ هل هو صبر القاعد ؟؟ هل هو صبر الذل ؟؟ هل هو صبر الجبان ؟؟ هل هو صبر المتواكل ؟؟ هل هو صبر المستسلم ؟؟! كلا. والف كلا !! انه الصبر القوي !! صبر العالم !! صبر العزيز !! صبر الشجاع !! صبر المعتمد على الله !! صبر الابي غير المستسلم !!

زينب عليها السلام علمت الزوجة في بيتها ان تمتلك سلاح الصبر لتحدث تغييرا ايجابيا في مواصفات زوجها السيئة ولكنه ليس صبر انعدام الوسيلة والياس وانما صبر اختلاق الحلول والامل !! زينب عليها السلام علمت الزوج في بيته انه يستطيع استخدام سلاح الصبر لتغيير واقع اسرته الى الافضل ولكن ليس صبر الخامل وانما صبر العامل الكاد !! وهكذا علمت ارباب الاسر والعمل والمصالح والمؤسسات!!

زينب عليها السلام علمت التلميذ في مدرسته والجامعي في كليته انه يستطيع استخدام سلاح الصبر للنجاح ولكن ليس صبر المهمل العابث وانما صبر الجاد الدارس !!!

زينب عليها السلام بكل هذا هي مدرسة الصبر !! بكل هذا نحن نستلهم من صبر زينب عليها السلام المشحون والمجبول مع مواقفها الشجاعة وتدبيراتها القوية والحكيمة ؛كل الدروس لتخطي كل ازماتنا ومعوقات الحلول!! فقد واجهت كل مصائب كربلاء بسلاح الصبر ولكنه صبر مع قوة لا مع ضعف !! وقت السجاد عليه السلام من القتل بسلاح الصبر ولكنه صبر مع ايثار لا مع انكسار !!! تحدثت مع اهل الكوفة في سكك الكوفة بكل تلك الكلمات بسلاح الصبر ولكنه صبر مع حكمة ودراية !! تحملت كل ما جرى على السبايا اثناء طي المنازل من الكوفة الى الشام بسلاح الصبر ولكنه صبر مع ارادة صلبة فولاذية !! اخذت موقفا صارما بوجه يزيد في الشام ببركة سلاح الصبر ولكنه صبر مع يقين راسخ بالوعد الالهي ( فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك فوالله لن تمحو ذكرنا ولن تميت وحينا ) !!

زينب عليها السلام بوحي من صبرها تقول لنا : اذا رايتم ظاهر الاشياء ضدكم فاصبروا لتروا بعين الصبر المحدقة ان حقاىق الاشياء معكم !! فهي قالت ليزيد : ان راس الحسين عليه السلام الذي تنكته بمخصرتك وان كان مضرجا بالدماء وعلى الارض الا انه عليك ان تعلم بانه اعلى راس في الوجود!! فلا راس اشمخ منه لانه الان سيد شباب اهل الجنة ، وصاحب اعلى رتبة عند الله ، اما انت يا يزيد فإنك وان كنت بالظاهر منتصرا الا انه عليك ان لا تنسى بانك ابن الطلقاء الحقيرين الذين تفضلنا عليك بالعفو فنحن اهل منة عليك !!

زينب عليها السلام ببركة صبرها تقول لنا : اذا كان الزمن بظاهر الاشياء ليس لكم فعليكم بعين الصبر المحدقة ان لا تفككوا الوجود عبر ازمنة متقطعة بل ان عليكم ان تنظروا الى هذا المقطع الزمني المحدود بوصفه اياما تترى وتأفل ثم تكون كل الازمنة لكم ، ولهذا قالت ليزيد : …ايامك الا عدد !! زينب عليها السلام تقول لنا ببركة سلاح صبرها : ان عليكم ان تنظروا ببركة اعينكم الصابرة المحدقة الى خواتيم الاشياء لا الى اولياتها وان كانت اولياتها ضدكم ، ولهذا قالت ليزيد : يوم ينادي المنادي الا لعنة الله على الظالمين !!! زينب عليها السلام تقول لنا من وحي صبرها : قد ترون الاشخاص


بحسب الظاهر عظماء وجبابرة الا انكم بعيون صبركم المحدقة سترونهم اذلاء ضعفاء ، ولهذا قالت ليزيد : واني لاستصغر قدرك …” .

زينب عليها السلام تعلمنا الان اننا بلا شك من اهل النصر والظفر ” شيعتنا اهل الفتح و الظفر ” ؛ الا ان علينا ان نصبر في الاثناء ، والا فإن كل منا يعلم يقينا بأن ولي دم الحسين المظلوم عليه السلام هو الامام المهدي عجل الله فرجه الذي سماه الله المتعال منصورا بقوله تعالى :{ ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل انه كان منصورا }.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق