السيدة الزهراء (ع) والدور الالهي في مؤسسة النبوة وامتدادية الامامة - مركز الأمة الواحدة
السيدة الزهراء (ع) والدور الالهي في مؤسسة النبوة وامتدادية الامامة

السيدة الزهراء (ع) والدور الالهي في مؤسسة النبوة وامتدادية الامامة

شارك المقال

 


يقول الله المتعال في القذان المجيد : {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (٣٣)ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } . 

ان للاصطفاء الالهي كما تقرر في محله عدة دوائر اخص وخاصة واولية وثانوية بحسب التراتب والتفاضل بين حجج الله المتعال الاعم من النبوة والامامة والاعم من المشهور  والمغمور ، وهذا صريح القران بالتفاضل {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} .

السيدة الزهراء عليها السلام هي من الدائرة الاصطفائية الضيقة والاخص ، وقد ورد في الخبر انه على معرفتها دارت القرون الاولى ، اي ان معرفتها شرط كل نبوة ووصاية .

مركز الامة الواحدة-مقالات - بقلم الشيخ توفيق علوية باحث اسلامي لبناني 

من هذا المنطلق كانت الزهراء عليها السلام عقد اتصال النبوة بالامامة ، اذ ان النبوة والامامة بالرسول صلى الله عليه واله وسلم تأسستا وبفاطمة عليها السلام اتصلتا وبعلي عليه السلام اكتملتا . 

الشائع ان النبوة سفارة الهية حتى وصل الامر عند السفيانيين للقول بان الرسول صلى الله عليه واله وسلم مجرد طارش والعياذ بالله ، وقد يحمل الطارش رسالة وهو محيط بها وقد يحملها من دون احاطة بها ، نستعيذ بالله من جهل الجاهلين .

 ان الصحيح ان النبوة بالاضافة الى كونها سفارة الهية ربانية هي ثورة الهية تغييرية على حد تعبير السيد الشهيد محمد باقر الصدر ، ثورة داخلية ضد اصنام وتماثيل واهواء النفس تسمى بالجهاد الاكبر  ، وثورة خارجية ضد الاصنام والتماثيل والنظم الطااغوتية والاستكبارية والاعراف المدمرة للانسانية تسمى بالجهاد الاصغر . 

هذه هي النبوة بتعبيرها الدقيق وليست مجرد سفارة ، ثورة تغييرية عميقة تاخذ بيد الانسان نحو كل تطلعاته واحلامه واماله .

ولكن هذه الثورة ليس بالضرورة ان تجني ثمارها بيد صاحبها اي النبي الاعظم صلى الله عليه واله وسلم ، فقد يرحل النبي صلى الله عليه واله وسلم وتبقى الثورة مستمرة الى حين تحقيق كامل اهدافها ، وهذا مغزى استمرارها بالامامة . فبالنبوة تاسست هذه الثورة وبالامامة استمرت واستوعبت كل امتداديات الزمن .

هنا نفهم عظمة وجود السيدة الزهراء عليها السلام التي ادت كامل الدور العظيم المطلوب منها بالرغم من العمر القصير ، لان العمر هو وعاء زمني للدور ولا دخل لطوله او قصره طالما ان الدور يؤدى بفترة زمنية قصيرة ، اذ انها عليها السلام ادت دورها بنجاح معدوم النظير والتحقت برسول الله صلى الله عليه واله وسلم الذي اخبرها بانها اول اهله لحاقا به ، بينما نجد ان بعض الناس يعيشون عمرا مديدا الا انهم لا يقومون حتى بدور واحد ولو بصورة جزئية ، وهذه موعظة لنا اننا ان لم نوفق للقيام بدور ما بنحو مستقل فلا اقل ان نساهم في دور ما للقادة الالهيين في عصرنا ولو بخدمة بسيطة .

السيدة الزهراء عليها السلام هي ام مؤسسة النبوة كما قال النبي صلى الله عليه واله وسلم : فاطمة ام ابيها . وهي روح مؤسسة النبوة كما قال النبي صلى الله عليه واله وسلم : فاطمة روحي التي بين جنبي ، وهي التشخص العملي لرضى الله المتعال وغضبه كما في الخبر الذي قرن رضى الله بفاطمة وغضبه بغضبها ، وكل تاسيسات النبوة وتشييداتها وانجازاتها كانت فاطمة جزءا لا يتجزا منها ، ولكن الذي اعطته فاطمة عليها السلام للنبوة بالاضافة الى التشييد والتاسيس هو ماذا ؟ انه بقاء المؤسسة النبوية واستمرار المؤسسة النبوية بقاء الثورة الالهية واستمرار الثورة الالهية ؟ هذا هو دورها الاهم . لماذا ؟ لان اعداء هذه المؤسسة النبوية والثورة الالهية كانوا يتربصون بها سوءا لاعتقادهم بان الرسول الاعظم صلى الله عليه واله وسلم ليس بنبي وانما رجل استطاع انشاء سلطة !! وهذا ما ذكرته عليها السلام في خطبتها اذ وصفتهم بانهم عبارة عن مجموعة كانت تنتظر موته صلى الله عليه واله وسلم للقضاء على انجازاته ومؤسسته النبوية وقتل اهل بيته .

هنا كان دور الزهراء عليها السلام على صعيدين : 

الصعيد الاول : تسجيل موقف مفصلي يفصل بين الحق والباطل وبين من ينتمي الى المؤسسة النبوية والثورة الالهية وبين من ينتمي الى السلطة . وان كان هذا الموقف له هذه الضريبة العظمى التي تمثلت بما جرى عليها في قصة كشف دارها التي كانت كربلاء الكبرى التي اسست جريمتها لحصول كربلاء الصغرى . نعم موقف الزهراء عليها السلام التضحوي وكلماتها ضمنت بقاء المؤسسة النبوية والثورة الالهية وان قل اتباعها الا انه لا ريب سياتي ذاك اليوم الذي سيفصح فيه صاحب الامر عن كل شيء . 

الصعيد الثاني : امتداد فاطمة عليها السلام بامتداد الامامة ، فقد دافعت سيدتنا الزهراء عليها السلام عن الامام علي عليه السلام لانها كانت مكلفة بالاحكام الاولية وصرحت بان يوم الغدير لم يترك لاحد من عذر ، كما انها عليها السلام اودعت مواقفها وكلماتها في الائمة عليهم السلام من بعدها ، فصارت المواقف الفاطمية هي مظهر وجوهر مواقف كل الائمة عليهم السلام وهذا هو معنى ان فاطمة امتدادية الامامة ، معنى الامتدادية من ناحية النسب صحيح ، ومعنى الامتدادية من ناحية الاصطفاء الوراثي صحيح ، ولكن الامتدادية هنا من ناحية المواقف المفصلية بين الحق والباطل ، ومن هنا ورد ان الامام المهدي عجل الله فرجه قال : وفي ابنة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لي اسوة  . ما معنى ان له عجل الله فرجه بجدته الزهراء عليها السلام اسوة ؟ ما معنى الاسوة الفاطمية للمهدي عجل الله فرجه ؟ انها الموقف الفاطمي بوجه الظالمين ! انها تلك الوقفة الفاطمية العظيمة ! انها الاحكام الاولية لا الثانوية ، فلا مجاملات ولا مراعاة ولا احكام ثانوية اضطرارية ولا منطقة رمادية . فاما حق واما باطل ، ولو نتج عن كل ذلك ما نتج .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق