ديمقراطية أمريكا وهيمنتها على العالم .. ! - مركز الأمة الواحدة
 ديمقراطية أمريكا وهيمنتها على العالم .. !

ديمقراطية أمريكا وهيمنتها على العالم .. !

شارك المقال


صحيفة 26سبتمبر :العدد 2179 الإثنين 9نوفمبر 2020م

قد يستغرب البعض من الذين يجهلون التاريخ الأمريكي عندما نقول أن النظام  الإنتخابي في أمريكا هو نظام ديكتاتوري بإمتياز, لأنه محصور بين حزبين لإحتكار السلطة بالتداول هما في الأصل كانا حزبا واحدا قبل ان ينشق ويتكون منه الحزبان الجمهوري بشعار الحمار والديمقراطي بشعار الفيل او العكس ولم يسمح لأي حزب آخر ان ينافسهما ويصعد الى السلطة .. صحيح ان الحزب الجمهوري محسوبا على اليمين والحزب الديمقراطي محسوبا على اليسار .. وهذا التصنيف الهدف منه ذر الرماد على العيون لإظهار شكليا الخلاف بينهما ولكنهما ينفذان سياسة واحدة  تم رسمها منذ أمد بعيد لاسيما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية ولا يستطيع ايا من الحزبين ان يغير فيها او يتجاوزها عمليا وان كان مسموحا للرئيس الذي يمثل الحزب الفائز بالرئاسة ان يطلق تصريحات جوفاء تبقى في النهاية محصورة في دائرته الضيقة ولا تجد طريقها الى التنفيذ .

مركز الامة الواحدة - مقالات احمد ناصر الشريف/ كاتب في الصحيفة

ومن يقرأ مذكرات الرئيس الراحل ريتشارد نيكسون الذي انتهى عهده بفضيحة ووترغيت وهو مايزال في بداية ولايته الثانية فأنتقل حكم أمريكا آنذاك الى نائبه جيرالد فورد سيجد ان كلما تنفذه الإدارات الأمريكية المتعاقبة خاصة في الشرق الأوسط مدون حرفيا في مذكرات  نيكسون كبرامج وخطط جاهزة رسمت قبل اكثر من اربعين عاما وإشارته فيها الى ان اسرائيل ستكون الدولة المهيمنة الوحيدة في الشرق الأوسط  ومن ضمن هذه السياسة السيطرة التامة على الدول العربية النفطية لما يشكل النفط فيها من أهمية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية وان تكون دولة بني صهيون هي الذراع القوي لأمريكا في المنطقة وهذا ماحاول ان ينفذه حرفيا الرئيس دونالد ترامب خلال ولايته وكان يأمل بولاية ثانية لاستكماله .. وان كنا نعتقد ان هذا الصعود  للسياسة الأمريكية والصهيونية في المنطقة واذلال حكامها وفرض عمليات التطبيع على بعضهم مع دولة الكيان الصهيوني كما فعلت ادارة ترامب مع الإمارات والبحرين والسودان وتمارس ضغوطات على دول أخرى  للحاق بتلك الدول الخانعة والخاضعة سيجعل المنطقة حتما  تشهد سيناريوهات قد تدخلها في دوامة لا يعلم  الا الله كيف ستكون نهايتها .

لقد كان الرئيس ترامب يعتقد انه من خلال تسرعه بتنفيذ سياسة الهيمنة على الدول العربية واخضاع حكامها للإرادة الأمريكية بالقوة سيضمن له الفوز السهل بولاية ثانية معتمدا على دعم الكيان الصهيوني وأصوات اليهود في أمريكا .. لكن ما حدث هو العكس تماما فقد أثبتت النتائج الأولية للإنتخابات الأمريكية بأن صاحب الحظ بالفوز هو منافسه مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن وهذا ما جعل ترامب يتصرف وكأنه حاكم عربي أو من دول العالم الثالث متمسكا بكرسي الحكم  لدرجة جعلته يعلن فوزه بينما نتائج الإنتخابات تقول شيئاً آخر ضاربا بكل القوانين والنظام الإنتخابي الأمريكي عرض الحائط .. وهذا مؤشر خطير قد يدخل أمريكا في سيناريو معقد بسبب مغامرات ترمب وعدم امتثاله للأنظمة والقوانين المعمول بها في أمريكا وإصراره على تمسكه بالسلطة مهددا بعدم تركها مهما حدث على حد زعمه .. وإذا ما ترتب على هذه التصرفات للرئيس ترامب من تبعات وتداعيات غير محمودة فإن ذلك سيكون له تأثير مباشر على دول العالم أجمع لا سيما اقتصاديا من خلال تأثر البورصة على المستوى الدولي بهذه التداعيات وهو ما لم يسبق لأمريكا ان شهدت مثل هذه الأزمة من قبل وإذا لم يتم وضع حلول عاجلة للتغلب عليها فقد تنعكس سلبا على المستوى الداخلي وربما تطالب ولايات بالإنفصال .. اما بالنسبة لمن يأملون في تغير السياسة الأمريكية وأن تكون أكثر هدوء في حالة مغادرة الرئيس ترامب البيت الأبيض فنقول لهم ان السياسة الأمريكية لاسيما الخارجية ثابتة وأي رئيس يأتي إلى البيت الأبيض سواءً كان جمهوريا أو ديمقراطيا لا يعدو أن يكون منفذا , والإختلاف فقط هو في الإسلوب والتعاطي الهادئ والمعقول بعكس ما كان يقوم به ترامب من تهور كونه في الأصل رجل أعمال لايعرف سوى جباية الأموال وليس سياسيا محنكا يستطيع أن يحقق أهداف السياسة الأمريكية المرسومة سلفا بوسيلة مناسبة تحقق الغاية منها دون أن تلحق ضررا بالجانب الآخر الذي يتطلب منه ان يكون تابعا لأمريكا ويسير في فلكها وذلك بعكس جو بايدن الذي يفكر بعقلية السياسي وطريقة تعاطيهما مع الانتخابات انموذجاً يستطيع المتابع من خلاله ان يحدد توجه كلً منهما ومن هو الرئيس الأقدر على حكم أمريكا وتحقيق أهداف سياستها الجائرة ضد الشعوب الآخرى .. بقي أن نقول أن الأيام القليلة القادمة ستثبت للعالم بأن الرئيس ترامب كان على خطأ وان من سارعوا بالتعاون معه من الحكام العرب وراهنوا عليه سيندمون  خاصة بالنسبة لهرولتهم نحوالتطبيع مع إسرائيل وإذلال أنفسهم أمامه وتسليم ثرواتهم له التي شعوبهم أحق بها منه معتقدين انه بدون حماية أمريكا لهم ستتهاوى عروشهم وتنهار كراسي حكمهم فأصبحت إرادتهم مستمدة من ارادة ترامب التي ذهبت ادراج الرياح .. وربما قد يأتي لهم العقاب ممن سيرث البيت الأبيض بعد مغادرة ترامب له مجبرا وعليهم ان يتحملوا نتائج ما أقترفته أيديهم ..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق