السيدة زينب عليها السلام القدوة - مركز الأمة الواحدة
السيدة زينب عليها السلام القدوة

السيدة زينب عليها السلام القدوة

شارك المقال

 

زينب القدوة

المحور الاول :

-لماذا علينا ان نستفيدَ من السيدة زينب  (ع) كنموذجٍ  بإرثها العلمي والفكري والتربوي ؟

 -هل لأننا اليوم بأّمس الحاجة لمثل هذا الارث ؟

المحور الثاني :

لماذا نحتاج الى الثقافة السلوكية  من خلال شخصيتها ؟

—————————————————————————————

قبل الشروع  في البحث  لا بد لنا من تفسير مَفهوم القدوة  :

القدوة بمفهومها العام هي التأثر بشخصية معينة والتأّسي بها .

والقدوة مع حَقانية مصادِرها يتم تَشييدُها بالدليل من مُنطلقات السلوك .

 ومن خَصائص القدوة العملية هي صيانة ما أيقن به القلب وعُقدَ عليه .

والتسديدُ يكون عَلى كل مساحة العُمر والنَّفس .

زينب القدوة (ع)   ذات القلب الملكوتي  الذي  لم يرَ في ألطف الا جميلا.

قادت المعسكر الحسيني بالانضباط النفسي، معركتها لم تكن معركة مادية وإنما معركة معنويات ، معركة القيم والمصير والوجود  .

 أثقلتَها الهُموم والاحزان فحَملت في الفؤاد كلاماً أشرق بقرابينَ  عظيمة  للهِ تعالى.

لو تَحدثنَا عنَها  بأبعادِها العديدة  فهَي العالمةُ بأمور الدين ،وعارفةٌ مرموقةٌ  ،إنسانةٌ بارزةٌ، هي نهجٌ دينيٌ وتربويٌ ، فكريٌ واجتماعيٌ فالحقُ حياتُها مدرسة تُربي وتُعلِّم وينحني  لعظَمتها كلُ من وقفَ على حقيقةِ شخصيتها .

لذا لو أردنا تحليل موقفٍ واحدٍ  لأخذنا  جانبْ  النموذج الذي قَدمتُه للانسانيةِ  في الحكمةِ والتقوى  والزهدِ والصبرِ والإيمان .

اما  في الجانب العملي:   كان النموذجُ الابرزُ ، فلقدَ عَملت على صيانةِ شخصيتها وكبريائها وعظمتها المعنوية سواءً كانت في المدينة المنورةِ مهد استقرارها وعزتها، ام في كربلاء موطِن المحِن والمأساة،   ام في مجالس جبابرةٍ كيزيدٍ وعُبيدالله بن زياد ، حيث تعمل على إذلالِ من يحاَول المساسَ بشموخِها  وكبريائهِا .

من اروع صُور ثَباتِها عند دُخولها الإمارة مغلولةَ  اليدين حيث نراهَا تقفُ بكل ما تمتلكهُ من عواطف وعظَمة واطمئنان قلب ، ،وفصَاحة اللسَان الصَادق المجاهدِ في سبيل اللهِ  لتُبينَ نَسَبَها وبماذا أكرمَها الله وتصفُ كلَ ما مرت به بالجمال، ثم تُوضحُ ثباتها على خط الإمامة المتمثّلة  في الامام السجاد  فتدافع عنه بكل قوة وثبات.( حين حاول ابن زياد ان يقتل الامام زين العابدين عليه السلام فاعتنقت السيدة زينب عليها السلام في سبيل حفظ الامام وقالت  :" والله لا أفارقه ، فإن قتلته فاقتلني معه.

السيدة زينب (ع) سبقت الأجيالَ في فَهم الجمال وصَنعت الجمال بالكلام، والحزنَ والموقف  ،فالجمالُ الحقيقي الذي تراه كان في الشهادة وريح الجنة والاجر الذي يناله الصابرون  .

مشهد اخر : زينب في ركب السبايا تدخل الكوفة ، فلم تُّرِهم الا التحدي الذي حاولت ان تستخدمهُ كأسلوب تربوي للاستنكار ، استنكار موقف أهل الكوفة من ثورة الامام الحسين (ع)  فذكرتهم بماضيهم المخزي وحاضرهم الأسود المليء بالغدر والخيانة ، ثم أنكرت عليهم بُكاءهم واعتبرتُه نفاقاً .. والهدف كان ايقاظ ضمائِر أهلَ الكوفة   لعدم نُصرة ابن رسول الله (ص) وعلى اله وسلم .

وبعد هذا الاستنكار انتقلت لتشَّبه جريمة قتل  الحسين (ع) بقطع كبد الرسول (ص) وآله وهذا التشبيه يحمل ُمعنى روحياً عميقاً لاهمية الكبد في جسم الانسان .

ِ

صلابة السيدة زينب وتحديها  أكَّدا حقيقةً مهمةً وهي الإيمانُ  بانتصار العدلِ على الظلم وانتصارِ الدم ِعلى السيفِ ، وانتصارِ المستضعفينَ على المستكبرَينَ ، وهذا الإيمان ُالراسخ  ُمن اثار التربية الاسلامية التى تلَقَتها.

السيدة زينب نحتاجها الامس واليوم والغد نحتاج ان نرتوي بينبوع عاطفتها وحبها ومشاعرها وصبرها وتحملها لكل المحن .

اجل نحتاج ان نستثمر هذا الارث لما  تتمتع به من نقاط قوة التى أودعها الله في كيانها مصحوبة بالايمان العميق، والاطمئنانِ الناشىءِ، من اتكالها على اللهِ لان جوهَر ذات الانسان اذا أمكنه بلوغ التسامي والخلوص  أخذ بزمامِ قدرتهِ على توجيه جميع الأمور وإدارة دفتها .

ومن هنا نصل ان يقينَ هذا الجمال هو إصلاحُ الذات ويمكن اختصاره ُبالصبرِ والسلام .            

_____________________________________________________________________________

المحور الثاني : كيف اكتسبت السيدة زينب الثقافة السلوكية للتكامل الداخلي.

 👈🏻( هيكلية ضبط النفس)عبر عدة وسائل  :

١- العلم : الذي يمنع عن اي تصرف أهوج

٢- الحكمة : التى هي عبارة عن مفاهيم ثلاثة : عدلٌ /معرفةٌ / تدبرٌ /

٣: رجاحة العقل : ميزان التصرفات

٤- التربية السليمة :

٥: الصبر

٦: التقوى : الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

٧- التجرد : الأفعال الخالصة لله

التأسي : القدوة / الاستفادة من معين أهل البيت ع الذي لا ينضب .

يرى علماء النفس ان هناك ثلاثة ابعاد ذات اثر مباشر في تربية الانسان وتكوين شخصيته وهذه الأبعادُ كما يقول الشيخ محمد تقي فلسفي في كتاب الطفل بين الوراثة والتربية " يرجع شطر منها الى دور الجنين في الرَحْم والشطر الثاني الى فن التربية والشطر الثالث البيئة التى يعيش فيها الانسان "

ووفق الحكمة ُالإلهيةِ  والإيمانِ المتكاملِ  اكتملت هذه الابعاد  لدى قدوة الازمان  (ع) وهي التى حازت على ارفع درجات اليقين ، ونحنا الأسارى بقانون الحياة .

فما أروعها من تكوين نوراني بين امٍ كالزهراء وابٍ ك علي وجدٍ كالمصطفى وأخوة كالحسن والحسين عليهم أفضل الصلاة والسلام .

هَذبت  نفسها وروضَتها على العبادة والتقوى فكان توازنها بين الروح والجسد وبين العقل والعاطفة ، وأرقى مصداق لذلك صُمودها وثبَاتُها  ومواقفها  للدفاع عن معسكر الحق والرسالة  امام الأعداء.

اسلوبها الذي قلب الموازين  حين فضحت يزيد واعوانه امام الرأي العام ..

( بعد مقتل الامام الحسين (عليه السلام)  من الطبيعي من هول المصاب  ان تفقد السيدة زينب ( عليها السلام) وعيها وتنهار قواها وتتعطل كل حواسها ولكنها قلبت الواقع  ووقفت بكل وقار واتزان لتسجل للتاريخ أروع كلمة يمكن ان تقال عند المصائب  وهزت بها الجيش الاموي الذي كان يتصور أنها مهزومة  " الهي تقبل منا هذا القربان"زينب عقيلة بني هاشم  شريكة الامام الحسين في كربلاء .لم تضعف بل أعطت  للأمة دروسا" في التضحية من اجل العقيدة  حيث قدمت القرابين  في سبيل الله إذ لا ذُل ولا ندم وإنما الصبر إثر الصبر والشجاعة والحكمة ورجاحة العقل  لتكون سيدة الموقف وسيدة الضبط النفسي.

 من تلك المصائب صنعت  الشخصيةُ المكتملة من خلال ثقافتها  الإلهية لتكملة ما بدء به الامام الحسين (ع) .

سلسلة الأحداث المتصلة بالالام   التى  مرت بها البنت الصغيرة انضجتها فكانت كالأم تتحمل الشدائدَ والمصائبَ ، من وفاة جدها (ص) واله وسلم و مصيبة أمها الزهراء (ع) الى مقتل ابيها أمير المؤمنين (ع) الى  شهادة أخيها الحسن  لتصل الى فاجعة اكبر في عاشوراء،

فالسؤالُ الذي يُمكن ان نطرحَه كيف قابلت تلك الأحداثِ الجسام ؟!!.

تلك الشخصية استعرضت للجميع معنى فنون الضبطِ النفسي  بقلبها المليء بالايمان، التقوى كان سلاحها ،والصبر زادها حيث كانت ركناً مهماً في أسرة الطهر والعفاف وكانت تبعث لكل من حولها رسائلٍ إيجابيةٍ مثاليةٍ عاطفيةٍ من خلال السلوك المتصف بالحكمة .

فمنذ وصولها الى كربلاء كانت الملاذ لجميع أفراد الاسرة الشريفة كانت القلب النابض لامها الزهراء (ع) وكانت القائد امتداداً لأبيها في الجهاد ونصرة الحق في كل زمان  و مكان .

الضبط النفسي الذي نراه في اللحظة التاريخية عند وصول سبايا بيت النبوة الى الشام ويزيد يقف أمامهم وكلّه زهو وفرح ، وبهذا الإيمان  تقف السيدة زينب (ع) امام يزيد الطاغية  بكل شجاعة تواجه فتخاطبه تارة باسمه الصريح  لتُنزل من قيمته  ولتكسر فرحته بالانتصار [اظننت يا يزيد ... وتارة تنتقل باسلوب اخر من الخطاب لتذكره بالاصل السافل امن العدل يابن الطلقاء "... !!

ومن ثم الى كلام يحمل طابع التهديد { كد كيدك واجهد جهدك فواله الذي شرفنا بالوحي والكتاب والنبوة والانتحال لا تدرك أمدنا ولا تبلغ غايتنا ولا تمحو ذكرنا ولا ترخص عنك عارنا] وهي السيدة الاسيرة ولكنها تحمل الثقة بالنفس والقدرة على مواجهة التحديات واستنكار فعل الطغاة الظالمين.

السيدة ُزينب (ع) كان لديها القُدرة على ضبط النفس ومعنى الضبط يعني القدرة لقول لا  للاشياء الخطأ ونعم للاشياء الصحيحة .

كظم الغيظ كان من الصفات  البارزة لشخصية السيدة زينب (ع) فكانت حكيمة في مواقفها التى واجهتها و التى حصلت عليها من العلم والمعرفة والتدبر وبالتالي هذا كله يكون في ضبط النفس ، وضبط النفس يعرف بالصبر .

وحقيقة الصابر الموحد اذا نابته نائبة ونزلت عليه مصيبة ٌيتحصن بالصبر حتى لا يختل النظام العبودي ولا يتلاشى معسكرِ قواه ومشاعره امام اي طوفان اليم  لانه يعلم بان عِوَض الله جميل فلا قيمة للاشياء أمامه وهو "داخل دائرة الحب الالهي " .

وهنا أقول   علينا أن ندقق اكثر في شخصية السيدة زينب (ع) لنرى هويتنا وشخصيتنا وما عدا ذلك هي مجرد أمور هامشية .

التركيبة الهيكلية للنفس  لا تحتاج منزلة تشريفية مصطنعة لترقى الى مستوى شأنها ومتانتها ووقارها وسكينتها الروحية اٍلا عبر تسلق المقامات العلمية والعملية.

والحمدالله رب العالمين .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق