{الجيش العقائدي والجيش المرتزق بين الأمس واليوم} - مركز الأمة الواحدة
 {الجيش العقائدي والجيش المرتزق بين الأمس واليوم}

{الجيش العقائدي والجيش المرتزق بين الأمس واليوم}

شارك المقال

مبحث عاشورائي نفسي 


   


{الجيش العقائدي والجيش المرتزق بين الأمس واليوم}

                   (العدوان على اليمن نموذجاً)


#أمين_المتوكل 


في الوقت الذي كنت أقرأ فيه حادثة كربلاء ابتداءاً من خروج الإمام الحسين عليه السلام من مكة إلى الوصول إلى كربلاء إلى بعد استشهاد الإمام الحسين عليه السلام انتابني تساؤل حين توقفت عند نقطه وهي

بأنه بعد استشهاد الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه قدس الله أرواحهم تسابق جيش بن زياد لنهب خيم الإمام الحسين عليه السلام

وفي حادثة مؤلمة صدّرها التاريخ من بين عشرات الحوادث بإن أحد الجنود المرتزقة في جيش عبيد الله بن زياد انتزع الحُلي من آذان فاطمة بنت الحسين عليه السلام أثناء عملية النهب وقال لها إن لم أقوم بأخذها أنا سيأخذها غيري


أولاً


عبيد الله بن زياد جيّش الناس تحت الترغيب والترهيب وهذا إن دل على شيء إنما يدل على ضعف الموقف وهشاشته ومعرفة عبيد الله بن زياد بموقعيته الهش والمتهالك أمام حجية الإمام الحسين عليه السلام ونقاء دعوته واختراقها القلوب.. لذلك نجد إلى أن ذلك السعي والتجييش من قِبل عبيد الله بن زياد وهو يبرق بيد فيها المال ويد فيها السوط ووعيد بخراب البيوت وانتزاع الحقوق لمن لم يتحرك في جيشه إنما كان من واقع نفسي يخاف أن تسقط الدنيا التي تقوم على إشباع الغرائز بشتى ألوانها وهو ما يمثل حكم بني أمية في الاستئثار بالحكم وجعله ملك عضوض أمام ضوابط الدين الذي يسعى لأن يحرر البشرية من ربقة الذل والمعاناة وأن يعيش الناس كل الناس كرماء كما هو منهج آل محمد صلوات الله عليهم


فهذا التاريخ وهذا اليوم الذي يشهد نسخة من التجربة التاريخية.. فطغاة اليوم ورثة عبيد الله بن زياد ويزيد بن معاوية من السعودية والإمارات كأدوات وأمريكا وإسرائيل كقوة تمارس نفس تلك السياسات الأموية وتحمل تلك النفسيات التي تعيش الاضطرابات داخلها ولذلك اقرأوا كيف تتم عملية التجييش لديهم من إجراءات وتهديدات يوازيه الاغداق بالأموال على مرتزقتهم لمحاربة من يحمل روح الصحوة والجهاد والحرية كما يحصل في اليمن ولبنان وإيران والعراق وسوريا


ثانياً


الجيش المرتزق يعيش المادة كل المادة.. ولذلك اسمه مرتزق.. فهو يعيش قيمة المادة.. مبادئه هي المادة والحصول على المادة وتقديم المادة على كل شيء


دائماً الطغاة ولأنهم يعيشون حالة نفسية مفعمة بالأنانية فإنهم يسعون إلى تغييب الفضيلة على أتباعهم وجعلهم عناصر تتعلق بالمادة.. فالطغاة يمتكلون المادة ومن خلالها يعرفون كيف يعزفون على نفسية أتباعهم وتحريكهم كأراجوزات هنا وهناك كما هي معظم الجيوش العربية اليوم


لذلك الجيش المرتزق لا يهمه الذهاب إلى أين ومن يقاتل وماهي طبيعة المعركة مادام كل هذا سيؤمن له المال والانتفاع به


لذلك بعد مقتل الإمام الحسين عليه السلام تسابقوا إلى نهب الخيام لدرجة ان يتم نهب الحُلي من آذان بنات رسول الله صلى الله عليه وآله في صورة متوحشة جداً.. فهم لا يهتمون بمن قتلوا كالإمام الحسين عليه السلام ولا خيام من انتهبوا ولا همهم الالتزام بدين أو مروءة أو احترام لحُرم رسول الله صلى الله عليه وآله مادام ذلك يحقق لهم المادة


والأخطر من ذلك إن هنالك من يعرف قدر وعظمة ومنازلة أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله ويعرف حرمة قتالهم ومع ذلك قاتلهم من أجل المادة كما هو عمر بن سعد وغيره ممن قال ( املأ ركابي فضة أو ذهبا إني قتلت السيد المحجبا قتلت خير الناس أماً وأبا)


لذلك عندما نتحدث عن جيوش المرتزقة اليوم فإنما نتحدث عن وحوش بشرية مستعدة أن ترتكب أفضع الجرائم.. لذلك عندما نتحدث عن نعمة الله بوجود الجيش واللجان الشعبية فإننا نتحدث عن رجال يحمون الأرض والعرض أمام وحوش بشرية لو تمكنوا منا لرأينا ما يشيب له الرأس


فأنت اليوم لست أغلى من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله في كربلاء ومع ذلك كانوا عُرضة لأبشع الجرائم والانتهاكات من قبل جيش مرتزق له اليوم نسخة تحمل ذات التوجه النفسي لجيش عبيد الله بن زياد


ثالثاً


إذا تحدثنا عن العدد لجيش الارتزاق في كربلاء لوجدناه يتخطى الثلاثين ألف.. مقابل جيش لا يتعدى الثمانين رجلاً من أصحاب الإمام الحسين عليه السلام


رغم أن هنالك فرق شاسع جداً بينهم في العدد.. إلا أن الفرق أكثر اتساعاً بينهم في المبادئ والأهداف والفضيلة


جيش الإمام الحسين عليه السلام جيش عقائدي ويحمل صورة من أبهى صور التاريخ

أما

جيش عبيد الله بن زياد فإنه جيش يحمل الارتزاق لاغير


ثلاثين ألف رجل مقابل ثمانين رجلاً ينتظرون شارة البدء في معركة غير متكافئة في العدد والتسليح


كان بإمكان جيش عبيد الله بن زياد فقط وفقط أن يهزم جيش الإمام الحسين عليه السلام بالحصار الاقتصادي فقط دون الحاجة إلى دخول معركة ولكن النفس التي تهوى القتل والسباق إلى قتل ذراري الأنبياء قربة إلى الوالي قررت القتال


نصف ساعة بالكثير كافيه لإنهاء المعركة على التقديرات التي ذكرناها ولكن المعركة أخذت ساعات من بعد الفجر إلى بعد الظهيرة


حسب التقديرات العسكرية هذا أمر غير مقبول لأن الحسابات قائمة على المادة.. ولكن التقديرات المعنوية النفسية تجعل ذلك مقبولاً لماذا؟


لأن الصراع قام بين جيش عقائدي يأنس بالموت كما يأنس الرضيع بمحالب أمه كما وصف الإمام الحسين عليه السلام أصحابه

وبين جيش تحرك للمادة.. ومن يجعل المادة هدفاً له يسقط في المعارك


وحين ينقدح السؤال من بعض المشككين قائلين.. معقولة أكثر من عشرين دولة تحارب اليمن واليمنيين مستبسلين صابرين ويصنعون الانتصارات؟


نعم.. هي ثقافة هيهات منا الذلة


وهي الثقافة التي ترسم لنا النصر القريب لأن قدرنا هو النصر مادامت العقيدة هي وقود قلوبنا في حروبنا

ولأن الارتزاق هي ثقافة أدوات السعودية والإمارات وقدرهم هو الهزيمة والانسحاق


كان الرجل من جيش الإمام الحسين عليه السلام يقاتل عشرة عشرين ثلاثين فيهزمهم


زهير بن القين قتل لوحده مائة وعشرين مقاتل من جيش عبيد الله بن زياد

القاسم بن الحسن الذي لم يتعدى العشرين سنة لم يستطع أن يقتلوه إلا بعد أن دنى ليربط حذائه

كانت الجموع تأخذ لها من الوقت حتى تقتل واحداً من جيش الإمام الحسين عليه السلام


أي عظمة هذه.. وأي نعمة جليلة عظيمة أن جعلنا الله من مدرسة أبي عبدالله الحسين عليه السلام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق