وزعتُ أمس صورة لراقصة تبدو فيها زاوية مسجد "محمد الأمين" وأعتبرتُ ذلك تحدياً لمشاعر المتدينين. ولكن توزيع صورة لنفس الراقصة من زاوية أخرى تثبت بأن إحضار الراقصة وإختيار لباسها وتحديد باحة "مسجد الأمين" مسرحاً "للتعري" ليس بريئاً؛ فقد تجاوز الخطوط الحمراء على كافة المستويات الدينية والأخلاقية والسياسية والقانونية.
مركز الامة الواحدة - مقالات - بقلم عدنان علامه
فعلى المستوى العام لم أجد أي رابط بين الحراك المطلبي الشعبي المحق وبين إحضار راقصة "بثياب البحر" وكأن المناسبة هي لإفتتاح "مرقص ليلي" أو "نادٍ للتعري". وأختيار "مسرح الرقص" بالقرب من حرم المسجد هو تحدٍ واستفزاز لمشاعر المتدينين من كافة الطوائف. فلا تستطيع أي جهة ان تفرض قناعاتها وتسقطها على جميع فئات الشعب اللبناني. فللحرية أيضاً حدود؛ وتنتهي حين تبدأ حرية الآخرين. ويبدو أن إحضار الراقصة هو حلقة من سلسلة لجذب الناس إلى الساحات، ومنها إحضار مكبرات صوت عملاقة لحفلات ال DJ والترفيه.
وأما على المستوى الديني لم نسمع إدانة أو شجباً من علماء الدين. ومارست إحدى النساء المشاركة حقها في رفض فرض هذه الظاهرة الغريبة عن مجتمعنا وأنزلت الراقصة. بينما وجدت الراقصة إستحساناً من المحيط التي كانت ترقص فيه. فتناسوا المطالب ليركزوا على تفاصيل تمايل جسدها "بلباس البحر".
وأما على المستوى الأخلاقي فلا خلاف بأن لباس الراقصة وتصرفها يعتبر خدشاً للحياء العام، وإساءة للمرأة وقيمتها في المجتمع. ويبدو أن الغيرة على سمعة المرأة اللبنانية قد غاب عن أذهان الحضور. فهل المطلوب أن تختصر صورة الراقصة الصورة التي نريدها للمرأة اللبنانية من هذا الحراك. يجب أن يعلم الجميع بأن المرأة ليست سلعة للبيع والشراء ووسيلة للإغواء. فللمرأة قيمة ثمينة في المجتمع. وهي إما ان تحافظ عليها أو تفرط بها وتبخس من قيمتها. فالإصرار على إحضار هذه الراقصة تحديداً وبثياب البحر في وسط العائلات هو أمر مستهجن وغريب عن عادات الشعب اللبناني وهو مرفوض كلياً.
وأما على المستوى السياسي فلا يوجد أي رابط بين المطالب الشعبية المحقة وإحضار الراقصة سوى إضافة مطلب نشر الإنفلات الأخلاقي وتشريع التعري في الأماكن العامة . واذا كان الهدف هو الترفيه والترويح عن نفوس المشاركين ونحن لا زلنا في اليوم السادس للحراك؛ فماذا سيحضرون لاحقاً إذا طال التحرك الشعبي؟
وأما على المستوى القانوني فيعتبر هذا النوع من اللباس في مكان عام "خدش للحياء العام" ويعاقب عليه القانون. ويحدد القانون الرقص في أمكنة خاصة وعليه ضوابط حتى في لباس الراقصة. فما قامت به الراقصة بلباسها يعتبر عملأ مبتذلاً رخيصاً. ويعتبره القانون "عملاً منافياً للأخلاق والحياء". فلبنان ليس تايلاند ولا يوجد في لبنان نوادي للتعري مرخصة كما هي في أمريكا وأوروبا. ويبدو أن من أحضرها يريد جس نبض الشارع في الفوضي ليعمم هذه التجربة.
إقتصر هذه المرة إنزال الراقصة على إمرأة. فلا تخبتروا نبض الشارع ولا تَتَحدوا مشاعر الآخرين حتى لا تصل الأمور إلى ما لا يحمد عقباه.
وإن غداً لناظره قريب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق