عندما نذكر بولتون، تحضر إلى الذاكرة فبركة ملفات أسلحة الدمار الشامل في العراق. الأمر الذي أدى إلى إحتلال العراق وتدميره، ولم يتم العثور على أي أثر للسلاح المزعوم. وبالرغم من ذلك لم تقوم أمريكا بإعادة بناء ما دمره العدوان . وعرف بولتون حديثاً خلال عمله مع ترامب بأنه من الصقور وكان يعلن عداءه الدفين لإيران وفنزويلا وكوريا والفلسطينيين. وفي نفس الوقت كان شديد الولاء حتى النخاع للحركة الصهيونية .وكان يعتمد عليه نتنياهو بشكل كبير في إقناع ترامب بالمؤامرات التي تخدم الإستيطان والأطماع الصهيونية. وكان له دوراً أساسياً في الإنسحاب من الإتفاق النووي وإتفاق نشر الأسلحة مع روسيا وعرقلة الإتفاق مع كوريا وتصعيد الموقف مع فنزويلا .
مركز الامة الواحدة - مقالات - بقلم عدنان علامه
وقد أقيل بطريقة مهينة ومذلة جداً كسابقي . ويبدو أن ترامب قد أصغى لمدراء حملته الإنتخابية بالتخلي عن سياسة حافة الهاوية وعن صقور إدارته لرفع نسبة مؤيديه في الإنتخابات المقبلة والتي تدنت إلى 48% .ولذا بدأنا بسماع تكرار رغبته في الحوار مع إيران . وعدم تأييده للكثير من خطوات نتنياهو العدوانية المتهورة. وللأسف وفي خطوة مناقضة تماماً فعّلت واشنطن صباح اليوم معاهدة للعمل العسكري ضد فنزويلا .
ولقد نقلت وكالات الأنباء تفاصيل إقالة بولتون المذلة جداً بالشكل والمضمون كالتالي:-
"أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب إقالة مستشاره للأمن القومي جون بولتون الذي يعتبر من أبرز الصقور في إدارته وأكثرهم تشددا في التعاطي مع عدد من الملفات، من أبرزها الملف الإيراني".
"وقال ترامب في تغريدة له على تويتر "أبلغت جون بولتون الليلة الماضية أنه لم تعد ثمة حاجة لخدماته في البيت الأبيض. اختلفت بشدة مع الكثير من اقتراحاته مثل آخرين في الإدارة".
"وبادر جون بولتون -وهو ثالث مستشار أمن قومي يقيله ترامب- إلى الرد على الرئيس بالطريقة ذاتها التي أعلن بها ترامب خبر إقالته، حيث كتب تغريدة على تويتر قال فيها "عرضت تقديم استقالتي ليلة أمس والرئيس ترامب قال لي لنناقش المسألة غدا".
ورغم الاختلاف الذي طفا على السطح بين الرجلين في الشهور الأخيرة، فقد بدت إقالته مفاجئة، خصوصا أنه كان من المقرر -وفقا لإخطار من البيت الأبيض- أن يشارك في مؤتمر صحفي مع وزيري: الخارجية مايك بومبيو، والخزانة ستيفن منوشين، ولكن المؤتمر الصحفي عقد لاحقا بغيابه".
وأما نتنياهو ومن أجل الهرب من مواجهة محاكمته بتهم الفساد والرشاوى الثابتة ضده، ولشد العصب الصهيوني لضمان حصاد أكبر نسبة من أصوات المستوطنين لصالحه؛ فتح النار على كافة الجبهات في وقت واحد . وقد إستغل نتنياهو أمس تأييد معظم الحكام الخليجيين للتطبيع الكامل مع الكيان الغاصب؛ فأعلن عن نيته بضم الضفة الغربية وغور الإردن إلى الكيان . وتتلخص خطوات سياسة نتنياهو المتهورة والتي ستفجر المنطقة بأكملها بالتالي :-
العدوان المستمر على سوريا.
إستهداف مقر لحزب الله في سوريا.
تفجير إحدى الطائرتين المسيرتين المفخختين مقابل مبنى مدني في الضاحية الجنوبية.
إقتحام الحرم الإبراهيمي والعدوان على غزة.
ولكن جرت الرياح بما لا يشتهي مخطط نتنياهو الخبيث .
فقد نعم لبنان طيلة 13 سنة بالهدوء التام على كامل تراب الوطن ما عدا الخرق اليومي لطيران العدو المسير والحربي والذي كان يستعمل الأجواء اللبنانية لشن العدوان على سوريا. وكان يكتفي لبنان بتقديم شكوى شكلية لا تغني ولا تسمن من جوع. وكان نتنياهو على يقين من رد حزب الله على العدوان لخربطة الوضع الداخلي في لبنان. ولكن شجاعة موقف رئيس الجمهورية بأن ما قام به الكيان الغاصب هو عدوان على لبنان . الأمر الذي أمن للمقاومة غطاءً رسمياً للرد.
فأعلن قائد المقاومة الإسلامية سماحة السيد حسن نصر الله بحتمية الرد؛ الأمر الذي قلب الطاولة على رأس نتنياهو . القيادة العسكرية في الكيان الغاصب تثق بكلام سماحة السيد أكثر مما تثق بنتنياهو. فأعلنت الإستنفار العام وأخلت الحدود لمسافة 7 كلم داخل فلسطين المحتلة خوفاً من حجم الرد الواسع. وطيلة أسبوع عاشت جميع قيادات الكيان الغاصب العسكرية،السياسية والمستطونين في قلق دائم وكوابيس من حجم رد حزب الله ومكانه. وجاء الرد بعناية فائقة وفي رسالة تهديد قوية حين إستهدف حزب الله آلية عسكرية خرجت من ثكنة أفيفيم داخل فلسطين المحتلة بصاروخين أطلقا من زاويتين مختلفتين. وتم تنفيذ تهديد قائد المقاومة بإسقاط المسيرات؛ فأسقطت المقاومة طائرة مسيرة في بلدة راميا بعد دقائق من إقلاعها وسيطرت عليها.
ووجهت قناة الميادين وقناة RT الصفعات المذلة والمهينة للكيان الغاصب . حيث تجاوز مراسل الميادين الشريط الحدودي الشائك. وتفاخر بوجوده على أرض فلسطين المحتلة. وقد وثقت مراسلة القناة الروسية تجولها في أرجاء ثكنة أفيفيم العسكرية الخالية من أي جندي حتى من حارس القاعدة بعد عملية حزب الله وهذا الأمر له أبعاد عسكرية خطيرة . وبالأمس وبعد العدوان على غزة لم يتوقع نتنياهو بأن يستهدف الرد المتوقع مستوطنة أشدود حيث يقيم فيها مهرجاناً إنتخابي.اً وقد ألغت أصوات صفارات الإنذار الإحتفال وقد نقلت وكالات الأنباء المشهد كالتالي:-
القدس (أ ف ب) - أُُجلي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من مهرجان انتخابي في مدينة أشدود (جنوب) الثلاثاء لبعض الوقت أثناء دويّ صفارات الإنذار إثر قصف صاروخي من قطاع غزة، بحسب التلفزيون العمومي.
وبثّت القناة 11 في التلفزيون الإسرائيلي لقطات ظهر فيها أفراد من الجهاز المسؤول عن حماية نتانياهو يقتربون من المنصّة أثناء إلقائه كلمة، ليهمس أحدهم في أذن رئيس الوزراء فيلوّح الأخير بيده مودّعاً الحضور ويخرج من المبنى.
وفي بيان مقتضب أعلن الجيش الإسرائيلي أنّ منظومة "القبة الحديدية" المضادّة للصواريخ اعترضت صاروخين أطلقا من قطاع غزة باتجاه جنوب إسرائيل.
وأضاف الجيش أنّ صفّارات الإنذار دوّت بالقرب من مدينتي عسقلان وأشدود، من دون مزيد من التفاصيل.
وأتت هذه الواقعة بعيد أقلّ من ثلاث ساعات على تعهّد نتانياهو بضمّ منطقة غور الأردن في الضفة الغربية المحتلّة إذا ما أعيد انتخابه في السابع عشر من أيلول/سبتمبر الجاري، في إعلان أثار غضب الفلسطينيين.
الرد اللبناني والفلسطيني وجها ضربتين قاسيتين على رأس نتنياهو. فهل ستكونان سبباً لسقوطه؟ وهل ستتدحرج باقي الرؤوس في المحور المناهض للمقاومة؟
الأيام المقبلة ستشهد تطورات خطيرة وفقاً لمزاجية وتبدلات مواقف ترامب . فتفعيل واشنطن لمعاهدة العمل العسكري ضد فنزويلا يؤكد عدم إتزان ترامب الذي يدعو للإتفاق مع إيران ويحضر للعدوان ضد فنزويلا في آن.
وإن غدا لناظره قريب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق