إطلاق النار في الهواء بين الجهالة والسفاهة - مركز الأمة الواحدة
إطلاق النار في الهواء بين الجهالة والسفاهة

إطلاق النار في الهواء بين الجهالة والسفاهة

شارك المقال

إنتشرت في مجتمعنا منذ مدة عادة إطلاق النار في الهواء في مناسبات الفرح والحزن مستفيدة من حالة ضعف الأجهزة الأمنية في القيام بواجباتها وعدم تحمل المؤسسات القضائية لمسؤولياتها.

مركز الامة الواحدة - مقالات كتب علي حكمت شعيب

ومن تفشي حالات التفلّت من العقاب التي عززها السياسيون في هذا البلد خدمة لمصلحة انتخابية أو تنفيذاً لأجندة خارجية لبث الفوضى في مجتمع يفترض به أن يكون طليعياً لما قدمه من تضحيات وأظهره من صمود وثبات نصرة لقضايا الأمة وذوداً عن كرامتها وصوناً لعزتها.

 وإذا ما أردنا أن نحلّل أبرز الدوافع وراء تلك العادة السيئة نجد من يقوم بها إنما يفعلها تحقيقاً لواحدة أو أكثر من الأسباب التالية :

١- تنفيساً عن شدة نفسية تعتري المرء عند المصيبة مع أن المطلوب هو التصبر والتضرع إلى الله سبحانه لكشف الهم وتفريج الغم وليس زيادة غم الى غم وكرب إلى كرب بأذية الناس لدرجة قتلهم بالخطأ والجهل.

٢- استجابة لخفّة تعتري النفس عند حالة الفرح مع أن الإنصاف من النفس يقتضي ضبطها لكي لا تسكر بالنعمة فتؤدي شكرها الى الله بالإحسان الى الناس لا بإدخال الرعب إلى قلوبهم وأذيتهم والإساءة إليهم.

٣- إشعاراً للآخر بالقوة وإظهاراً للعزة من خلال التمسك بالسلاح وخيار القتال مع الآخر العدو لإدخال الرعب الى قلبه، او للقول للآخر الصديق أننا جديرون بأن يُعتمد علينا، أو للآخر المحايد كن حذراً وإياك أن تطأ أكنافنا، مقتدين ضمناً بقول الشاعر الجاهلي عمرو بن كلثوم:

ألا فلا يجهلَنّ أحدٌ علينا   
      فنجهل فوق جهل الجاهلين

وقائلين للناس بأسلوب مضمر أننا أولو قوة وأولو بأس شديد، وما يعترضنا من غبن وظلم وإجحاف نزيله بأيدينا دونما اللجوء الى حكم الدولة والقانون الذي لا نرغب به ما لم يكن الحق الذي يحكم به لصالحنا.

 وهذا بعينه هو حكم الجاهلية.

فمجتمع العدالة السائر على طريق التقدم والتنمية يستلزم أن يكون الضعيف والقوي سواسية أمام القانون فيطالب الضعيف فيه بحقه من القوي غير متلعثم في كلامه لخوفه من بطش القوي.

وقد ورد عن الإمام علي بن أبي طالب (ع) قوله في عهده لمالك الأشتر أنه سمع رسول الله(ص) يقول في أكثر من مقام

 "لن تُقدَّسَ أُمّةٌ حتى يُؤخذَ للضعيف فيها حقُّه من القوي غير متَتَعْتِع" 

٤-  استجابة لتعبير غرائزي ذكوري لجذب الأنثى أو للفت نظرها لحالة الذكر المهيمن كما هو السلوك في عالم الحيوان، والإنسان حيوان لكنه صاحب منطق ينبغي أن يعلو منطقه ليوجه تصرفه لا ليترك هواه يأخذه إلى أذى الناس إشباعاً لغزيزة وحاجة أو حباً لرياء وسمعة.

٥- ممارسة للهو أو لعب بطريقة غير واعية أو مهتمة بتبذير المال أو الاعتداء على الناس في أمنهم وأنفسهم.

٦- طلباً للبغي والعدوان والاستعلاء على الضعفاء من الأفراد والعائلات والجماعات إغتناماً لأموالهم ومواردهم وتجاوزاً لحكم العقل والمنطق في النزاع معهم وتطبيقاً للقاعدة الجاهلية بنصرة أنفسنا ظالمين باغين كنا أو مظلومين مغبونين.

إن تلك الدوافع منفردة أو مجتمعة مما يمقتها العقل وتستبعدها الحكمة ويستنكرها العُرف فضلاً عن أنها سلوكات امتازت بها مجتمعات الجاهلية المتخلّفة التي حاربتها الأديان السماوية بفرائضها وأحكامها والدول بتشريعاتها وقوانينها، وهي ممارسات تُشيع الفساد والمنكر بين الناس وتنشر بينهم العداوة والبغضاء لما تحدثه من أذى يتمثل في التخويف والجراح والقتل الذي تحمله في طياتها.

 ولا يقدم عليها إلا جاهل أو سفيه أي ساذج سطحي التفكير قد اتبع هواه وأغفل عقله فلم ينظر في التداعيات ولم يتدبر في العواقب.

وأملنا أن يعلو صوت العاقل والحريص على صوت الجاهل والسفيه لكي تستقيم الأمور ويسود القانون فيزول الأذى ويخفّ البلاء ويعمّ المعروف وينتشر الإحسان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق